UMMA TOKEN INVESTOR

Translation is not possible.
عقب الأحداث الأخيرة التي حدثت في الأردن,
هل تساءلت يومًا كيف نشأ الأردن الحديث؟
يغوص بنا هذا الكتاب، الصادر عن مكتبة كمبريدج المرموقة لدراسات الشرق الأوسط، في رحلة تاريخية لكشف النقاب عن قصة تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية. لا يقدم لنا الكتاب سردًا تقليديًا للأحداث، بل يكشف لنا بأسلوب تحليلي نقدي دقيق عن ديناميكية معقدة جمعت بين طموح شخصية محورية، هو الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين ، وحسابات إمبراطورية عظمى، هي بريطانيا في أعقاب الحرب العالمية الأولى.
بعيدًا عن التبجيل الأحادي أو الاختزال المخل، يرسم لنا الكتاب صورة حية لتلك الفترة الحرجة، مظهرًا كيف تشكلت إمارة شرق الأردن في ظل ظروف ارتجالية وغير متوقعة . وببراعة، يفكك لنا شبكة متشابكة من المصالح المتبادلة والمناورات الذكية التي ربطت بين الأمير الهاشمي الطموح وصناع القرار البريطانيين.
ستكتشف كيف أن فهم هذه العلاقة بكل تعقيداتها وتناقضاتها هو المفتاح الحقيقي لفهم نشأة الأردن وتطوره، وكيف أثرت هذه العلاقة بشكل عميق على بنية الدولة الوليدة، وهويتها، وسياستها الخارجية، وصولًا إلى النهاية المأساوية لحياة مؤسسها عام 1951. إنه بمثابة تشريح دقيق للحظة تاريخية فارقة أعادت رسم خريطة الشرق الأوسط، حيث تلاقت الطموحات المحلية مع الحسابات الإمبراطورية.
لماذا هذا الكتاب مهم؟ لأنه يقدم قراءة جديدة وموثقة لتاريخ الأردن، مدعومة بأبحاث أرشيفية معمقة، تتحدى التفسيرات السطحية وتقدم رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار دوافع جميع الأطراف الفاعلة في تلك الحقبة. إنه ليس مجرد كتاب عن تاريخ الأردن، بل هو نافذة تطل منها على تاريخ الانتداب البريطاني في المنطقة، وتداعيات الحرب العالمية الأولى، وتعقيدات العلاقة بين القومية العربية والقوى الكبرى، وحتى جذور الصراع العربي الإسرائيلي. إنه مرجع لا غنى عنه لكل مهتم بتاريخ الشرق الأوسط الحديث والعلاقات الدولية.
من هي المؤلفة؟ الدكتورة ماري سي. ويلسون ، المؤرخة والأكاديمية المتخصصة في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، وخاصة تاريخ بلاد الشام والأسرة الهاشمية وفترة الانتداب. نشرها في سلسلة كمبريدج المرموقة يشهد على عمق معرفتها ومكانتها الأكاديمية.
تلخيص معمق وشامل
يتبع الكتاب على الأرجح مسارًا تاريخيًا وتحليليًا يغطي الفترة الممتدة من نهاية الحرب العالمية الأولى حتى اغتيال الملك عبد الله الأول، ويمكن تلخيص محاوره الرئيسية وأطروحات المؤلفة الأساسية (مع نسبتها إليها بوضوح) على النحو التالي:
المحور الأول: مشهد ما بعد الحرب الكبرى – انهيار العثمانية وبزوغ شرق أوسط جديد (عقد 1910 – أوائل 1920)
- السياق العام: يضع الكتاب الأحداث في سياقها الأوسع: انهيار الإمبراطورية العثمانية، الثورة العربية الكبرى (1916) بقيادة الشريف حسين بن علي (والد عبد الله)، الوعود البريطانية المتناقضة للعرب (مراسلات حسين-مكماهون) وللصهاينة (وعد بلفور)، والاتفاقيات السرية لتقاسم المنطقة (سايكس-بيكو).
- الطموحات الهاشمية: يحلل الكتاب طموحات الشريف حسين وأبنائه (علي، عبد الله، فيصل، زيد) في إقامة مملكة عربية موحدة ومستقلة في المشرق العربي.
- دور عبد الله الأولي: يستعرض دور الأمير عبد الله في الثورة العربية، وربما يشير إلى شعوره بالتهميش النسبي مقارنة بشقيقه فيصل الذي تُوج ملكًا على سوريا لفترة وجيزة ثم على العراق.
المحور الثاني: "صناعة" شرق الأردن – ارتجال إمبراطوري وطموح هاشمي (1920 – 1923)
- لحظة التأسيس الحاسمة: يركز هذا الجزء بشكل مكثف على الظروف التي أدت إلى نشأة الكيان الأردني. تجادل المؤلفة على الأرجح بأن تأسيس شرق الأردن لم يكن نتيجة خطة بريطانية مسبقة أو حتمية تاريخية قومية، بل كان إلى حد كبير نتيجة تفاعل ظرفي وارتجالي بين عوامل مختلفة:
- وصول عبد الله إلى معان ثم عمان (1920-1921): بعد طرد فيصل من سوريا على يد الفرنسيين، تحرك عبد الله بقواته إلى جنوب سوريا (التي أصبحت شرق الأردن لاحقًا)، معلنًا نيته استعادة عرش أخيه. شكل وصوله تحديًا للبريطانيين والفرنسيين.
- الحسابات البريطانية المتعددة: وجدت بريطانيا نفسها أمام معضلة. من ناحية، لم تكن ترغب في مواجهة عبد الله عسكريًا أو السماح له بمهاجمة الفرنسيين في سوريا. ومن ناحية أخرى، رأت في وجوده فرصة لـ:
- خلق منطقة عازلة: بين سوريا الخاضعة لفرنسا وفلسطين التي كانت جزءًا من الانتداب البريطاني وتواجه تحديات متزايدة.
- تأمين طريق المواصلات إلى العراق: الذي كان تحت الانتداب البريطاني أيضًا ويحكمه فيصل.
- "ترضية" مؤقتة لعبد الله: وامتصاص طموحاته الهاشمية ومنعه من إثارة مشاكل أكبر.
- إدارة التكاليف: إيجاد حل إداري رخيص نسبيًا لمنطقة كانت تعتبر قليلة الأهمية استراتيجيًا واقتصاديًا.
- لقاء تشرشل وعبد الله (1921): اللقاء الحاسم الذي تم فيه الاتفاق على تأسيس إدارة مؤقتة في شرق الأردن تحت قيادة عبد الله وبإشراف بريطاني، كجزء من الانتداب على فلسطين ولكن مع استثنائها لاحقًا من التزامات وعد بلفور (وهو ما تم تأكيده في الكتاب الأبيض لتشرشل عام 1922 ).
- الخلاصة: تؤكد ويلسون على الأرجح على الطبيعة "المصطنعة" أو "المُركّبة" لنشأة شرق الأردن ككيان سياسي منفصل، نتاج تسوية بين طموح أمير هاشمي وحسابات قوة إمبراطورية.
المحور الثالث: بناء الإمارة تحت الانتداب – ترسيخ السلطة بقيود بريطانية (عقد 1920 – عقد 1930)
- تحديات التأسيس: يحلل الكتاب الجهود التي بذلها الأمير عبد الله، بدعم وإشراف بريطانيين، لترسيخ سلطته وبناء مؤسسات الدولة الوليدة في بيئة صعبة تتسم بـ:
- مجتمع قبلي غير مركزي: صعوبة إخضاع العشائر القوية لسلطة مركزية ناشئة.
- اقتصاد هش وموارد محدودة: الاعتماد شبه الكامل على الدعم المالي البريطاني (المعونة).
- حدود مصطنعة وغير مستقرة.
- أدوات بناء الدولة:
- الدعم المالي البريطاني: شريان الحياة الأساسي للإمارة وميزانيتها.
- المستشارون البريطانيون: الدور المحوري للمعتمدين والمستشارين البريطانيين (مثل أليك كيركبرايد) في توجيه الإدارة والسياسات.
- الفيلق العربي (Arab Legion): القوة العسكرية والأمنية الرئيسية للإمارة، والتي تم تأسيسها وتدريبها وقيادتها بشكل أساسي من قبل ضباط بريطانيين (أبرزهم فريدريك بيك ثم جون باغوت غلوب "غلوب باشا"). لعب الفيلق دورًا حاسمًا في بسط سلطة الدولة على العشائر، وحماية الحدود، ولاحقًا لعب دورًا إقليميًا. ترى المؤلفة على الأرجح أن الفيلق كان تجسيدًا للعلاقة الأنجلو-أردنية.
- العلاقة الجدلية مع بريطانيا: يستمر الكتاب في تحليل العلاقة المعقدة بين عبد الله وبريطانيا:
- الاعتماد المتبادل: عبد الله بحاجة للدعم المالي والعسكري والسياسي البريطاني لضمان بقاء إمارته وحكمه. بريطانيا بحاجة لعبد الله والفيلق العربي للحفاظ على الاستقرار في منطقة استراتيجية (حلقة وصل بين فلسطين والعراق والجزيرة العربية) وبتكلفة منخفضة نسبيًا.
- المناورة والمساومة: لم يكن عبد الله مجرد أداة طيعة بيد بريطانيا. تصف المؤلفة كيف استخدم مهاراته السياسية والدبلوماسية للمناورة، والتفاوض للحصول على المزيد من الاستقلالية والموارد، ومحاولة تحقيق طموحاته الخاصة ضمن القيود التي فرضها الانتداب.
- احتواء الطموحات: في المقابل، عملت بريطانيا باستمرار على احتواء طموحات عبد الله التوسعية (خاصة مشروع "سوريا الكبرى" الذي كان يهدف لتوحيد شرق الأردن وسوريا وفلسطين ولبنان تحت حكمه)، والتي كانت تتعارض مع مصالحها ومصالح حلفائها (خاصة فرنسا في سوريا ولبنان).
المحور الرابع: القضية الفلسطينية – طموحات ومخاطر
- موقع شرق الأردن الجغرافي والسياسي: يحلل الكتاب الدور المعقد الذي لعبه شرق الأردن والأمير عبد الله تجاه القضية الفلسطينية المجاورة:
- العلاقات مع الفلسطينيين: طبيعة علاقات عبد الله مع القيادات والشعب الفلسطيني، والتي تراوحت بين محاولات كسب النفوذ وعرض الحماية، وبين التوتر والتنافس (خاصة مع المفتي الحاج أمين الحسيني).
- العلاقات مع الحركة الصهيونية: يكشف الكتاب (كما تفعل دراسات أخرى) عن وجود اتصالات وتعاملات، سرية أحيانًا، بين عبد الله وبعض قادة الحركة الصهيونية، والتي فُسرت بشكل مختلف (براغماتية سياسية؟ محاولة لتأمين مصالح؟ خيانة للقضية العربية؟). تقدم ويلسون تفسيرها الخاص لدوافع هذه الاتصالات.
- ثورة 1936-1939: موقف عبد الله ودور الفيلق العربي خلال الثورة الفلسطينية الكبرى ضد الانتداب البريطاني والهجرة الصهيونية.
المحور الخامس: الحرب العالمية الثانية والاستقلال الاسمي (عقد 1940)
- الولاء للحلفاء: يبرز الكتاب ولاء عبد الله والفيلق العربي لبريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، ومساهمة الفيلق في قمع ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق عام 1941 وفي الحملة على سوريا ولبنان ضد قوات فيشي الفرنسية.
- نحو الاستقلال: يتتبع الخطوات التي أدت إلى إعلان استقلال شرق الأردن رسميًا عام 1946 وتغيير لقب عبد الله من أمير إلى ملك.
- استمرار النفوذ البريطاني: تؤكد المؤلفة على الأرجح أن هذا الاستقلال كان اسميًا إلى حد كبير في البداية، حيث استمر الاعتماد المالي على بريطانيا، وظل الفيلق العربي تحت قيادة ضباط بريطانيين (غلوب باشا)، واستمرت بريطانيا في ممارسة نفوذ كبير على السياسة الخارجية والدفاعية للأردن.
المحور السادس: حرب 1948 وضم الضفة الغربية – ذروة الطموح ومأزقه
- الدور الأردني في الحرب: يقدم الكتاب تحليلاً مفصلاً لدور الأردن والملك عبد الله في حرب فلسطين عام 1948:
- الفيلق العربي كقوة رئيسية: كان الفيلق العربي هو الجيش العربي النظامي الأكثر كفاءة وتنظيمًا في الحرب.
- أهداف عبد الله: تحليل دوافع عبد الله لدخول الحرب، والتي يراها الكثيرون مرتبطة بطموحه لضم الجزء العربي من فلسطين (الضفة الغربية والقدس الشرقية) إلى مملكته، وربما نتيجة تفاهمات مسبقة (موضع جدل كبير) مع بعض الأطراف.
- النتائج العسكرية والسياسية: نجاح الفيلق العربي في السيطرة على الضفة الغربية والقدس الشرقية والدفاع عنها، مقابل خسارة مناطق أخرى.
- ضم الضفة الغربية (1950): قرار عبد الله الرسمي بضم الضفة الغربية، وتداعياته السياسية الهائلة: توسيع المملكة، تغيير التركيبة السكانية (غالبية فلسطينية)، زيادة التحديات السياسية والاقتصادية، وعزل الأردن عن جزء كبير من العالم العربي الذي رفض خطوة الضم.
- اتهامات ومبررات: يناقش الكتاب الاتهامات التي وجهت لعبد الله بالتواطؤ مع إسرائيل أو خيانة القضية الفلسطينية، ويقدم تحليلاً لدوافعه التي قد تمزج بين الطموح الهاشمي، والبراغماتية السياسية في مواجهة الواقع، والرغبة في منع وقوع الضفة الغربية بالكامل تحت السيطرة الإسرائيلية.
المحور السابع: السنوات الأخيرة والاغتيال – نهاية حقبة (1948-1951)
- تحديات الحكم الموسع: يصور الكتاب الصعوبات التي واجهها عبد الله في حكم المملكة الموسعة: استيعاب مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، التعامل مع المعارضة المتزايدة من القوميين العرب والفلسطينيين الذين اتهموه بالعمالة لبريطانيا والتفريط بفلسطين، التوترات الاقتصادية، والعزلة الإقليمية.
- الاغتيال في القدس (يوليو 1951): يحلل ظروف ودوافع اغتيال الملك عبد الله على يد شاب فلسطيني عند مدخل المسجد الأقصى، والذي شكل نهاية مأساوية لمسيرته الطويلة والمعقدة، ونهاية لحقبة تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية.
- الإرث والتداعيات: يقيم الكتاب الإرث الذي تركه الملك عبد الله: دولة فتية ولكنها قائمة، علاقة خاصة ومعقدة مع بريطانيا، جيش قوي نسبيًا (الفيلق العربي)، ودور محوري في الصراع العربي-الإسرائيلي، بالإضافة إلى تحديات بنيوية تتعلق بالهوية الوطنية والاقتصاد والشرعية السياسية استمرت لعقود بعد رحيله.
ختاما
يقدم كتاب ماري ويلسون "الملك عبد الله وبريطانيا وصناعة الأردن" رواية تاريخية تحليلية غنية ومفصلة، تتحدى التبسيط وتكشف عن التعقيدات والظروف التي أحاطت بولادة الدولة الأردنية. تجادل المؤلفة بأن الأردن لم يكن نتاجًا لحتمية تاريخية بل صنيعة تفاعل دقيق بين طموحات أمير هاشمي سعى لبناء مملكة لنفسه، وبين حسابات قوة إمبراطورية سعت لترتيب المنطقة بما يخدم مصالحها بعد انهيار النظام القديم. العلاقة بين عبد الله وبريطانيا كانت علاقة اعتماد متبادل ومناورة مستمرة، شكلت هوية الدولة ومؤسساتها ومسارها المستقبلي. من خلال تتبع هذه العلاقة الجدلية عبر ثلاثة عقود حاسمة، يقدم الكتاب فهمًا أعمق ليس فقط لتاريخ الأردن، بل لديناميكيات بناء الدولة في ظل الانتداب، ولعبة الأمم في الشرق الأوسط، والإرث المعقد الذي لا تزال المنطقة تتعامل معه حتى اليوم. إنه عمل يؤكد على أهمية فهم تفاعل العوامل المحلية والإقليمية والدولية، ودور الأفراد والطموحات الشخصية، وقوة الظروف التاريخية في تشكيل مصائر الأمم.
#فلسطين #zionism
image
Send as a message
Share on my page
Share in the group
Translation is not possible.
.. بسم الله الرحمن الرحيم
.. العلمانية أم الخبائث
لعله لم يُرزأ المسلمون في بلادهم خلال قرنين من الزمان بمثل رزية العلمانية التي تعزل الدين عن الدولة، و تستبدل حكم الجاهلية بحكم الله عز و جل { أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِ یَبۡغُونَۚ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمࣰا لِّقَوۡمࣲ یُوقِنُونَ } [سُورَةُ المَائـِدَةِ: ٥٠].
إن هذه البلية التي ابتلي بها المسلمون فتحت أبواب الشر على مصاريعها و سمحت للكفر والنفاق أن يظهرا و يعلو صوتهما بلا رقيب ولا حسيب، ولم يعد الدين كله لله، بل صار أهل الإسلام مستضعفين مقموعين لا ينطقون إلا بما يسمح به النظام العلماني الجاهلي، ولا يظهرون من دينهم إلا ما يأذن لهم به ذلك النظام الخبيث.
لقد حُرفت لأجله العقيدة وأصول الدين فضلا عن فروعه، و عُطِّلت أحكامه و حدوده، و ظهرت بسببه الفواحش وانتشرت الجرائم والآثام و أُقِرَّت بل دُعِمَت و أعلنت بلا حياء ولا نكير، وسوِّي فيه الكافر بالمؤمن، والطالح بالصالح، والمرأة بالرجل، وسمح تحت مبادئه وقوانينه بالطعن في الدين والدعوة إلى الكفر والإلحاد والتشكيك في مصادر الدين ومراجعه المعتمدة و علمائه الثقات، وفي أصوله المسلَّمة، وتمكن أعداء الإسلام من خلاله من اختراق المجتمعات الإسلامية ونشر الرذيلة فيها وعزلها عن مصدر عزها و تماسكها وتحويلها نسبيا إلى مجتمعات مادية وأسر مفككة لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا إلا ما أُشرب من هواها.
ولولا فضل الله و رحمته ثم جهود العلماء والدعاة المصلحين وخيار المسلمين لصارت الفواحش ترتكب في الشوارع أمام الناس، ولما بقي من دين الله شيء يذكر، ولكن الله سلم.
بسبب العلمانية استُحِل الربا والزنا والشذوذ والخمر والمعازف، وألغي الولاء والبراء على أساس الدين وحل محل ذلك الولاء والبراء على أساس الوطن أو الحزب السياسي حتى صار المسلم يوالي الموافقين له في الانتماء الوطني أو الحزبي أو الفكري ولو كانوا كفارا أو زنادقة مرتدين، ويعادي أو يجافي من ليسوا من أهل وطنه أو حزبه السياسي أو الفكري ولو كانوا من المؤمنين المتقين!
لم يعد أهل الذمة يدفعون الجزية و يلتزمون الصغار، لأن ذلك من حكم الدين لا من حكم العلمانية الوضعية المستوردة من الكفار، وصار الكافر الذمي بمقتضى المواطنة مساويا للمواطن المسلم في الحقوق والواجبات، وفوق المسلم غير المواطن، وصار من حق الكافر أن يتولى أعلى المناصب في بلاد المسلمين و يترأس عليهم وأن يدخل الجيش و يصير قائدا كبيرا تحت سلطته جيش كبير بعدته و عتاده، ويصير بذلك من أهل الشوكة الذين يقررون مصير المسلمين ويتحكمون في مقدراتهم، أو أن يصير قائدا أمنيا يقتل من يشاء و يسجن من يشاء ويعاقب ويراقب من يشاء من المسلمين، بل و يصير قاضيا يحكم في دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم!
حتى الشرك الأكبر الصريح من عبادة الأوثان والقبور والاستغاثة بالأموات والغائبين، وممارسة السحر والكهانة والتنجيم، فضلا عن الطعن في أحكام الشريعة في الإعلام والتعليم و تبني النظريات الإلحادية وتلقينها للناس صار كل ذلك في ظل العلمانية من حقوق المواطن و حرياته الخاصة التي لا تمنعه الحكومة من ممارستها بل تدعمه و تحميه ولا تسمح لأحد أن ينكرها عليه، بل تعاقب من أنكر عليه شيئا من ذلك!
أي رزية ابتلي بها المسلمون أعظم من هذه؟!
لم يتمكن أعداء الإسلام وأعداء الفضيلة والإنسانية من النيل من الإسلام وأهله بل ومن البشرية جمعاء بمثل ما نالوه تحت ظل العلمانية، فالعلمانيون أولياء الشيطان وجنوده حقا، والعلمانية أم الخبائث حقا.
Send as a message
Share on my page
Share in the group
Translation is not possible.
لو مر رجل برجل يخنق رجلا، فقال للمخنوق: اصبر ولا تقاوم، فإنك إن قاومت طعنك بسكين فأرداك قتيلا في الحال، ولأن تموت ببطء خير من ان تموت في الحال!
فماذا عسى الناس أن يقولوا لهذا الجبان الذي لم يكتف بترك نصر المظلوم بل زاد على ذلك تخذيله و تحطيم معنوياته؟!
Send as a message
Share on my page
Share in the group
Translation is not possible.
مقال كيرت كامبل وروش دوشي في مجلة "فورين أفيرز" بعنوان: التهاون بقوة الصين: لماذا يتعين على أمريكا صياغة استراتيجية بمقياس التحالفات لموازنة تفوق بكين الدائم
Underestimating China :Why America Needs a New Strategy of Allied Scale to Offset Beijing’s Enduring Advantages
By Kurt M. Campbell and Rush Doshi
و دونك خلاصته
يحذر هذا المقال، الصادر حديثاً (أبريل 2025) في مجلة "فورين أفيرز" بقلم مسؤولين سابقين رفيعي المستوى في إدارة بايدن، من مخاطر التأرجح الأمريكي في تقييم الصين بين التشاؤم المفرط والتفاؤل المبالغ فيه، مؤكداً أن الإجماع الحالي حول تراجع الصين المحتوم ينطوي على استهانة خطيرة بنقاط قوتها الدائمة. يجادل المقال بأن الاستراتيجية الأمريكية الأكثر فعالية لمواجهة التحدي الصيني ليست الاعتماد على الذات فقط، بل تبني استراتيجية "الحجم الحليف" (Allied Scale) التي تركز على تعميق وتوسيع شبكة التحالفات والشراكات الأمريكية لدمج القدرات وتنسيق السياسات وتحقيق تفوق جماعي. ويشدد الكاتبان على أن الالتزام المستمر والعابر للأحزاب بهذه الاستراتيجية هو المسار الأمثل لمواجهة الصين.
خبرة الكاتبين العملية الحديثة في أعلى مستويات صنع السياسة الأمريكية المتعلقة بالصين ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ تمنح تحليلهما وتوصياتهما وزنًا وأهمية خاصة.
تلخيص المقال
المقدمة: البندول المتأرجح في النظرة الأمريكية للصين
يفتتح المقال بالإشارة إلى التقلب الحاد في التقييم الأمريكي للصين. فبعد عقود من القلق بشأن صعود الصين الاقتصادي والجيوسياسي واحتمال تجاوزها للولايات المتحدة (خاصة بعد الأزمة المالية عام 2008 وخلال جائحة كوفيد-19)، تحول المزاج العام في واشنطن بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
مع تباطؤ النمو الصيني بعد التخلي عن سياسة "صفر كوفيد"، وتفاقم المشاكل الديموغرافية والاقتصادية (بطالة الشباب، أزمة العقارات)، مقابل تعزيز الولايات المتحدة لتحالفاتها وتحقيقها اختراقات تكنولوجية واقتصاد قوي، ساد إجماع جديد بأن الصين في حالة تراجع وأنها لن تتفوق على الولايات المتحدة.
يحذر الكاتبان من أن هذا التحول من التشاؤم إلى الانتصار المفرط (Triumphalism) أو الثقة الزائدة هو أمر خطير ومضلل، تمامًا كما كان التشاؤم السابق مبالغًا فيه.
نقد الثقة الزائدة الحالية ومخاطر الاستهانة بالصين
يجادل المقال بأن السردية الحالية حول "تراجع الصين" تتجاهل أو تقلل من شأن نقاط القوة الهيكلية والدائمة التي لا تزال بكين تتمتع بها، على الرغم من التحديات الراهنة. تشمل هذه النقاط:
القاعدة الصناعية الضخمة: لا تزال الصين "مصنع العالم" وتتمتع بهيمنة في قطاعات صناعية حيوية.
الهيمنة على سلاسل الإمداد الحرجة: سيطرة كبيرة على معالجة المعادن الحيوية وإنتاج البطاريات والألواح الشمسية وغيرها من التقنيات الخضراء والأساسية.
القدرات العسكرية المتنامية: تحديث سريع وشامل للجيش الصيني، بما في ذلك التوسع البحري، وتطوير الأسلحة النووية، وتعزيز قدرات منع الوصول/الإغلاق المناطقي (Anti-Access/Area Denial - A2/AD).
النفوذ الدبلوماسي الواسع: علاقات قوية وشبكة نفوذ متنامية، خاصة في دول "الجنوب العالمي".
النظام السياسي المتماسك: قدرة الحزب الشيوعي الصيني على حشد الموارد الوطنية وتوجيهها نحو أهداف استراتيجية طويلة الأمد، على الرغم من عدم الكفاءة والجمود في بعض الجوانب.
القدرة على الصمود الاقتصادي: قدرة الاقتصاد الصيني على تحمل الصدمات والتكيف، حتى لو تباطأ معدل النمو المرتفع سابقًا.
التركيز الاستراتيجي طويل الأمد: لدى القيادة الصينية رؤية استراتيجية طويلة المدى تسعى لتحقيقها بثبات.
مخاطر الاستهانة: التحليل المتفائل بشكل مفرط والمبني على نقاط ضعف الصين المؤقتة قد يؤدي إلى:
الرضا عن الذات (Complacency) في الولايات المتحدة.
عدم تخصيص موارد كافية للمنافسة طويلة الأمد.
سوء تقدير لقدرات بكين أو تصميمها على تحقيق أهدافها.
ارتكاب أخطاء سياسية واستراتيجية بناءً على تقييم خاطئ لميزان القوى.
الحاجة إلى استراتيجية جديدة: "الحجم الحليف" (Allied Scale)
المنطق الأساسي: يرى الكاتبان أن الولايات المتحدة، بمفردها، تجد صعوبة متزايدة في مواجهة حجم ونطاق التحدي الذي تمثله الصين عبر جميع المجالات (الاقتصادية، العسكرية، التكنولوجية، الدبلوماسية). ومع ذلك، تمتلك الولايات المتحدة ميزة استراتيجية فريدة وغير متناظرة لا تملكها الصين: شبكة واسعة وقوية من الحلفاء والشركاء حول العالم، وخاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
المقترح المركزي: يجب أن ترتكز الاستراتيجية الأمريكية للمنافسة مع الصين على الاستفادة القصوى من هذه الميزة الفريدة. يقترح الكاتبان استراتيجية "الحجم الحليف" أو "نطاق التحالف"، والتي تعني بناء قدرات جماعية وتحقيق تفوق في الحجم والنطاق من خلال دمج وتنسيق جهود الولايات المتحدة مع جهود حلفائها وشركائها الرئيسيين.
ماذا تعني استراتيجية "الحجم الحليف" عمليًا؟
تعميق التحالفات القائمة: تقوية وتحديث التحالفات التقليدية (مع اليابان، كوريا الجنوبية، أستراليا، الفلبين، دول الناتو).
بناء شراكات جديدة: تطوير علاقات أمنية واقتصادية وتكنولوجية أعمق مع شركاء إقليميين ودوليين رئيسيين (مثل الهند، فيتنام، إندونيسيا، سنغافورة، ودول أوروبية).
إنشاء أطر "متعددة الأطراف مصغرة" (Minilateral): الاستفادة من تجمعات أصغر وأكثر مرونة تركز على قضايا محددة (مثل الحوار الأمني الرباعي - Quad، والشراكة الأمنية الثلاثية - AUKUS).
تكامل القدرات: العمل على تجميع الموارد، وتنسيق السياسات والاستراتيجيات، وتعزيز التوافق العملياتي (Interoperability) العسكري والتكنولوجي والاقتصادي.
الاستفادة من المزايا غير المتناظرة: الاعتماد على نقاط القوة الفريدة التي يمتلكها الحلفاء والشركاء (مثل الموقع الجغرافي، الخبرة في مجالات تكنولوجية معينة، العلاقات الاقتصادية الإقليمية).
خلق رؤية وهدف مشترك: بناء توافق استراتيجي حول طبيعة التحدي الصيني وأفضل السبل لمواجهته، وإظهار تصميم جماعي.
تطبيق استراتيجية "الحجم الحليف" عبر المجالات
المجال العسكري:
تنسيق التخطيط الدفاعي والمشتريات العسكرية.
زيادة وتيرة وحجم التدريبات العسكرية المشتركة.
تعزيز التوافق العملياتي بين القوات الأمريكية وقوات الحلفاء.
تحقيق تقاسم أعباء دفاعية أكبر.
تحسين وضع القوات الأمريكية والحليفة في المنطقة.
تطوير استراتيجيات وقدرات جماعية لمواجهة قدرات A2/AD الصينية.
المجال التكنولوجي:
التعاون في البحث والتطوير في التقنيات الناشئة والحيوية (مثل الذكاء الاصطناعي، الحوسبة الكمومية، التكنولوجيا الحيوية، أشباه الموصلات المتقدمة).
وضع معايير تكنولوجية عالمية مشتركة.
تنويع سلاسل إمداد التقنيات الحرجة بعيدًا عن الصين لزيادة المرونة والأمن.
تنسيق ضوابط تصدير التكنولوجيا الحساسة وفحص الاستثمارات القادمة من الصين.
المجال الاقتصادي:
مواجهة الممارسات التجارية غير العادلة والإكراه الاقتصادي الصيني بشكل جماعي.
تقديم بدائل جذابة لمبادرات الصين الاقتصادية (مثل مبادرة الحزام والطريق).
تنسيق السياسات المتعلقة بالأمن الاقتصادي وحماية البنية التحتية الحيوية.
بناء سلاسل إمداد مرنة وموثوقة بين الدول ذات التفكير المماثل.
المجال الدبلوماسي:
تشكيل جبهة موحدة في المنظمات الدولية والمحافل الدبلوماسية.
تنسيق الرسائل والمواقف تجاه سياسات الصين.
تقديم رؤية إيجابية وبديلة للنظام الدولي تقوم على القواعد والقوانين والتعاون.
تحديات الاستدامة والحاجة إلى الالتزام
يعترف الكاتبان بأن تنفيذ استراتيجية "الحجم الحليف" ليس سهلاً ويواجه تحديات، منها:
إدارة المصالح والقدرات المتنوعة والمتباينة أحيانًا للحلفاء والشركاء.
مواجهة الجهود الصينية المستمرة لمحاولة بث الفرقة بين الولايات المتحدة وحلفائها.
ضمان توفير الولايات المتحدة للالتزام السياسي والموارد الكافية على المدى الطويل.
الحاجة الماسة إلى دعم عابر للأحزاب (Bipartisanship) لهذه الاستراتيجية داخل الولايات المتحدة لضمان استمراريتها عبر الإدارات المختلفة. (يشير المقال إلى أهمية الحفاظ على سياسات إدارة بايدن التي ركزت على الحلفاء، ورفض نهج "أمريكا أولاً" الانعزالي).
الخلاصة: الطريق إلى الأمام
يختتم المقال بالتأكيد على أن التقييم الدقيق وغير العاطفي لنقاط القوة والضعف النسبية هو أساس النجاح في المنافسة بين القوى العظمى. إن الاستهانة بقدرات الصين الدائمة هو خطأ استراتيجي يجب تجنبه.
الاستراتيجية الأكثر فعالية للولايات المتحدة، والتي أثبتت قدرتها على إزعاج بكين في السنوات الأخيرة ويمكنها ردع مغامراتها المستقبلية، هي الالتزام المستمر والعابر للأحزاب بتطوير وتعميق شبكة التحالفات والشراكات وبناء "حجم حليف" متكامل.
هذه الاستراتيجية تستفيد من أعظم ميزة تمتلكها الولايات المتحدة، وترسل إشارة قوية حول قدرة وتصميم الولايات المتحدة وحلفائها، وتقدم أفضل مسار للمنافسة بفعالية مع الصين وتشكيل توازن قوى مواتٍ في منطقة المحيطين الهندي والهادئ والعالم.
ختاما, يقدم مقال كامبل ودوشي حجة قوية وموقوتة ضد الرضا عن الذات الأمريكي في مواجهة الصين، داعياً إلى تبني استراتيجية طويلة الأمد ترتكز على الاستفادة من شبكة التحالفات الأمريكية الفريدة. إن مفهوم "الحجم الحليف" يقدم إطاراً عملياً لتنسيق الجهود ودمج القدرات عبر مختلف المجالات لمواجهة التحدي الصيني الشامل. ومع ذلك، يؤكد المقال أن نجاح هذه الاستراتيجية يعتمد بشكل حاسم على الالتزام السياسي والمادي المستمر والعابر للأحزاب من جانب الولايات المتحدة.
image
Send as a message
Share on my page
Share in the group
Translation is not possible.
The Prisoner Dilemma Policy Options to Address Circumstances of ISIS Prisoners in Northeastern Syria
معضلة السجين خيارات سياسية لمعالجة ظروف سجناء داعش في شمال شرق سوريا
عرض شامل ومركز:
يقدم هذا التقرير تحليلاً دقيقاً للوضع المعقد لسجناء تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرق سوريا بعد الهزيمة الإقليمية للتنظيم. يستعرض التقرير المخاطر الأمنية والإنسانية الجسيمة الناجمة عن هذا الوضع، بما في ذلك الظروف المتدنية للسجون، وخطر هروب السجناء، والتحديات المتعلقة بالعدالة وإعادة التأهيل، خاصة بالنسبة للسجناء الأحداث. بناءً على مناقشات مائدة مستديرة لخبراء ومراجعة للأدبيات، يحدد التقرير العوائق الرئيسية أمام إيجاد حلول مستدامة ويقترح مسارات عمل محددة على المديين القصير والمتوسط لمعالجة هذه المعضلة متعددة الأوجه.
التقرير صادر عن مؤسسة راند (RAND Corporation)، وهي منظمة بحثية أمريكية غير ربحية وغير حزبية، تكرس جهودها لتطوير حلول لتحديات السياسة العامة بهدف جعل المجتمعات حول العالم أكثر أمانًا وازدهارًا وصحة. تلتزم راند بأعلى معايير النزاهة البحثية والجودة والموضوعية، وتضمن شفافية أبحاثها من خلال النشر المفتوح لنتائجها وتوصياتها والكشف عن مصادر التمويل. أُجري هذا البحث ضمن مركز سياسات الأمن والدفاع الدولي التابع لقسم أبحاث الأمن القومي في راند، بتمويل من مخصصات البحث والتطوير المستقلة لعقود راند لتشغيل مراكز البحث والتطوير الممولة فيدراليًا التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية.
ملخص التقرير
المقدمة وإشكالية السجناء:
بعد ما أصاب الدولة الاسلامية ما أصابها في الباغوز عام 2019، تحتجز قسد حوالي 10,000 مقاتل مفترض من داعش ومئات الأحداث في 14 سجناً مؤقتاً بشمال شرق سوريا. ينتمي هؤلاء المحتجزون لجنسيات متعددة (أغلبية سورية وعراقية، والباقي من أكثر من 58 دولة). يواجهون احتجازاً لأجل غير مسمى في فراغ قانوني، مما يمثل قنبلة موقوتة أمنياً وإنسانياً. يمثل الأحداث المحتجزون (مئات الفتيان) مصدر قلق خاص لانتهاك حقوقهم وتعرضهم لخطر التطرف.
الوضع الحالي للسجون والمخاطر:
تقع السجون في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا (AANES)، وهي بمعظمها منشآت مؤقتة (كمدارس محوّلة)، مكتظة وغير آمنة، باستثناء سجن الحسكة المركزي الأكثر تحصيناً. تتولى قسد الأمن بدعم محدود من التحالف الدولي لهزيمة داعش، لكنها تواجه تحديات جمة. أبرز المخاطر هي:
1. خطر الهروب: السجون غير المحصنة تمثل هدفاً استراتيجياً لداعش (كما أثبت هجوم غويران 2022)، وهروب السجناء سيعزز التنظيم ويمثل نصراً دعائياً له.
2. قيود التوظيف لدى قسد: نقص التدريب والموارد، بالإضافة إلى التحديات الأمنية الأخرى (بقايا داعش، تدخلات إقليمية، تهديدات تركية)، يضعف قدرة قسد على تأمين السجون بفعالية.
3. ظروف الاحتجاز السيئة: الاكتظاظ ونقص الخدمات الأساسية لا تفي بالمعايير الدولية (قواعد مانديلا)، وتؤدي لأعمال شغب، وتوفر مادة لدعاية داعش، وقد تزيد التطرف.
4. وضع الأحداث المأساوي: احتجازهم في ظروف غير إنسانية، دون تعليم أو رعاية كافية، ومع البالغين أحياناً، ينتهك حقوق الطفل ويعرضهم للإساءة والتطرف.
العوائق أمام الحلول:
يواجه حل هذه المعضلة عوائق كبيرة:
1. الموارد المحدودة: عدم كفاية التمويل الدولي طويل الأمد لدعم قسد في تأمين وإدارة السجون وفقاً للمعايير الدولية، ووجود قيود على استخدام التمويل الحالي (مثل CTEF).
2. رفض دول المنشأ للإعادة: تردد معظم الدول (خاصة الأوروبية) في إعادة مواطنيها بسبب مخاوف أمنية وقضائية وسياسية، رغم أن الإعادة تعتبر الحل الأفضل. العراق يعيد البعض ببطء بسبب تحديات قدرته القضائية.
3. عدم الاستقرار في سوريا: غياب التسوية السياسية، والتدخلات الخارجية، وتهديدات داعش المستمرة، وعدم اليقين بشأن الالتزام الأمريكي، كلها تعيق الاستثمار في حلول مستدامة.
4. غياب آليات العدالة: نقص القدرات المحلية لـ AANES، وصعوبة جمع الأدلة المقبولة قانوناً، وعدم وجود اتفاق دولي على جهة قضائية شرعية ومختصة (سواء كانت محلية، دولية، أو تابعة لنظام الأسد)، وغياب نظام خاص لعدالة الأحداث.
مسارات العمل المقترحة:
يقترح التقرير إجراءات على مرحلتين:
قصيرة المدى (خلال عام):
الاعتراف بالطبيعة طويلة الأمد للمشكلة وإجراء تعداد وتقييم أمني للسجون.
تكثيف الجهود الدبلوماسية لتشجيع ومساعدة الدول (خاصة العراق وأوروبا) على إعادة مواطنيها.
تقييم ودعم مسارات آمنة للسجناء السوريين غير المتورطين بجرائم عنف.
البدء بتطوير عمليات عدالة مقبولة دولياً وجمع الأدلة اللازمة.
نقل الأحداث فوراً إلى مرافق منفصلة ومناسبة تلبي احتياجاتهم التعليمية والصحية والنفسية.
متوسطة المدى (2-5 سنوات):
بناء سجون مخصصة وآمنة تلبي المعايير الدولية، ربما بتمويل وإدارة دولية أو دعم فني لقسد.
تنفيذ عمليات الإعادة إلى الوطن والعدالة التي تم تطويرها.
تحديد مسارات خروج مستدامة للأحداث (تعليم، تدريب مهني، وثائق، إيجاد أماكن آمنة للاندماج).
الخلاصة:
يختتم التقرير بالتأكيد على أن معضلة سجناء داعش في شمال شرق سوريا لا تزال قائمة منذ نهاية "الخلافة" الإقليمية في 2019، وأن التقدم المحدود نحو الحلول يعكس صعوبات سياسية وتكاليف محتملة على المدى القصير. النهج الافتراضي المتمثل في إبقاء السجناء في سجون قسد المؤقتة ذات الظروف السيئة، تحت سيطرة جهة فاعلة غير حكومية وضعيفة ماليًا، يحمل فوائد قصيرة المدى لكنه ينطوي على تكاليف طويلة الأمد باهظة إذا نجح السجناء في الهروب وساعدوا في إعادة تشكيل التنظيم. تشير مناقشات قمة السياسات إلى وجود حلول محتملة وخطة عمل مقترحة (قصيرة ومتوسطة المدى)، تتراوح بين تحسين السجون القائمة وإعادة السجناء إلى أوطانهم مع إنشاء عمليات قضائية مناسبة. ومع ذلك، يؤكد التقرير أن احتمالية تحسين الوضع ضئيلة دون زيادة تدويل المشكلة وزيادة التمويل والدعم للإدارة الذاتية وقسد، وهو ما يواجه اهتمامًا عالميًا ضعيفًا. الظروف في أواخر عام 2022 لم تكن مواتية للحل، خاصة مع التهديدات والعمليات العسكرية التركية التي أجبرت قسد على تعليق عملياتها ضد داعش والتهديد بوقف حراسة المخيمات. ومع ذلك، يشدد التقرير على وجود خطوات ملموسة يمكن اتخاذها خلال السنوات القادمة، وأن التحالف الذي هزم داعش يجب أن يتابع جهوده لضمان عدم عودة التنظيم.
image
Send as a message
Share on my page
Share in the group