يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
لو أن المسلمين اتخذوا سلاح المقاطعة للدول الكافرة، فهل تظنون أن الدول الكافرة تخضع أو لا تخضع ؟ تخضع رغما على أنوفها، ما الذي يشغل عمالهم ما الذي يشغل مصانعهم ؟ إلا استهلاك المسلمين لما يصنعونه، من الذي يمولهم بالبترول وغيره إلا المسلمون، والله لو قاطعناهم اقتصاديا دعنا من سياسيا لاستجابوا، أليست الآن الدول الغربية تحارب من تحارب بالاقتصاد، ماذا فعلوا بالعراق أليس ضيقوا عليه الآن الخناق.
اعتبار الواقع الرسول صلى الله عليه وسلم وافق على الصلح الذي جرى بينه وبين قريش في الحديبية، وهو صلح ظاهره أنه علينا وصار لنا والحمد لله، أنا ما ألوم مثلا رئيس البوسنة والهرسك بأن يوافق على الخطة التي اختطها هؤلاء، لا ألومه لأن هذا أهون الشرين، لكني والله ألوم الأمة الإسلامية وأرى أنها مسئولة عن ذلك أمام الله، أن تسكت هذا السكوت وتدع هؤلاء المسلمين فريسة للنصارى، وما الذي يأمننا الآن أنهم إذا قضوا على جمهورية البوسنة والهرسك أن يذهبوا إلى ألبانيا وأن يمشوا، يعني نحن نسمع أشياء ما نحب أن نقولها الآن باعتبار أطماع النصارى وأطماع الوثنيين، يعني يطمعون أن يصلوا إلى الكعبة فما الذي يأمننا ؟
والله أنا أحمل أمام الله المسلمين هذه المسئولية، وأرى أنهم مقصرون وأنهم تركوا هؤلاء الكفار يعيثون في الأرض فسادا وهم ساكتون، وأنتم لو فكرتم لوجدتم هذا حقيقة تقصير من المسلمين.
ثم المسلمين لا حول ولا قوة إلا بالله صم بكم عمي فهم لا يعقلون، الآن يحاولون الصلح مع اليهود، وماذا صنعت اليهود باللبنانيين ؟ تطردهم من ديارهم تقتلهم ويقولون تعالوا على مائدة الصلح، وين الصلح ؟ ثم هم يصرحون أيضا رؤساء اليهود يقولن بأن القدس عاصمة اليهود الأبدية ولا يمكن أن نتحول عنها، فلنصالحهم على إيش.
فالمهم أن ما عندنا صدق لكننا إنشاء الله أرجوا الله عز وجل أن هذه النشأة الجديدة الشبابية هي التي يكون على يديها النصرة إذا وفقت للحكمة وعدم العنف، لأن الذي يضر الآن الشباب المتجه أنه يتسرع يريد أن تكون المسألة بين عشية وضحاها.
لم يعلم أن الأمم الكافرة ومن ورائها أذنابها من ولاة بعض الدول الإسلامية أو العربية لا يدري أنهم أعداء لهم وأنهم متمكنون، فالواجب على الشباب أن يصبروا، يصبر على الأذية ويصبر في الدعوة الطريق طويل، لكن إخواننا يريدون أن يقفزوا من أسفل درجة إلى أعلى درجة، وهذا غير صحيح، والنصر بحول الله للمسلمين وما تجمع اليهود الآن من اليمين والشمال والشرق والغرب في فلسطين إلا توطئة وتمهيد لقتال المسلمين إياهم.
أنا أجزم جزما لو كان ولاة المسلمين فيهم الإحساس الذي في شعوبهم ما صبروا على هذا الوضع أبدا، لكن غالب حكام المسلمين مع الأسف كل واحد منهم يريد أن يبقى على كرسيه بأي ثمن كان ولا يهمه، انظر الآن بعض ولاة المسلمين الآن يريدون أن تكون الدولة المسلمة علمانية يستوي فيها اليهودي والنصراني والبوذي والمسلم وكل واحد، هذا هو الواقع عند كثير من ولاة المسلمين، والله لو شعر ولاة المسلمين بما يشعر به الشعوب ما سكتوا ولعرفوا كيف يؤكل الكتف وعرفوا كيف يقابلون هؤلاء النصارى، النصارى الآن عائشون على المسلمين في الواقع، مصانعهم لا يستهلكها إلا المسلمون، أمورهم حتى العسكرية وظائف كبيرة هائلة لهؤلاء الكفار.
والله واجب الشعوب لا تقدر على أي شيء أبدا، لكن واجبها الدعاء تدعوا الله عز وجل أن ينصر الإسلام والمسلمين في كل مكان، والله عز وجل إذا دعاه الإنسان مضطرا أجابه، نعم.
المصدر: تفسير الشيخ لسورة غافر