Translation is not possible.
كنتُ آخذ زوجتي ذات يوم إلى طبيب العظام بعد أن سقطت وأصابت ساقها.
كنا نجلس في العيادة، وكلّ واحدٍ منشغلٌ بشيءٍ آخر… بعضهم على هواتفهم، بعضهم يتحدث مع من بجانبه، وبعضهم واقف يدخّن، وكأنّ العالم كلّه يضغط علينا ويخنقنا.
شعرتُ بالملل، فخرجتُ قليلًا إلى الشرفة ثم عدتُ إلى الداخل.
وعندما جلستُ، أدركتُ أن الإحساس الذي تشعر به عندما تقرأ كلمة في كتاب أو على وسائل التواصل الاجتماعي يختلف تمامًا عن الإحساس عندما تطبّقها في الواقع. فالحياة الواقعية لها قوّة خاصة ومتعة لا تُوصف.
وفجأة عمّ الصمت. جلس الجميع شاردين وهادئين حتى ارتفع أذان صلاة العشاء. ردّد الجميع الأذان، وانتهى الأمر عند هذا الحد. وبينما نردّد خلف المؤذّن، رأينا طفلًا في السابعة من عمره تقريبًا يرفع أكمامه ويسأل أمّه: «أين الحمّام؟» فأمسكت بيده واتجهت معه. لكن الطفل توقّف فجأة، ونظر إلينا وقال: «هل ستبقون جالسين هكذا؟ ألا أحد سيصلّي؟» فضحكنا من كلامه وبقينا صامتين.
ترك يد أمّه، وقد بدا عليه الغضب، ومضى وحده. توضّأ ثم عاد ووجهه يشرق نورًا. بدأ يبحث عمّا يصلّي عليه، فجاءت السكرتيرة وأحضرت له سجادة صلاة. وقف الطفل على السجادة وقال: «هل سأصلّي وحدي؟»
ساد الصمت من جديد. فقال رجل ببساطة: «أليس الله هو الذي نصلّي له وهو الذي يشفينا؟ وأنتم هنا لتنالوا الشفاء منه؟ فكيف يشفيكم إن لم تشكروه وتحمدوه وتلجؤوا إلى فضله؟» فاغرورقت عيون الناس بالدموع. ثم قال: «وعلى كل حال، كلّ إنسان حرّ في عمله الصالح.»
كان الطفل على وشك أن يبدأ الصلاة، فقمتُ وقلتُ له: «انتظر، سأصلّي معك.» وعندما دخلتُ لأتوضّأ رأيت الرجال والنساء واقفين. توضّأ الرجال أولًا، ثم النساء. انتظرت النساء قليلًا، ثم أخذتهنّ السكرتيرة إلى غرفة فارغة ليصلّين فيها. وقفنا نستعدّ للصلاة، فإذا بالطبيب يخرج ويقول: «لماذا لم يُدخلني أحد؟ أين السكرتيرة؟» فقمتُ وأخبرته بما حدث. وقف متفاجئًا قليلًا، ثم مسح على رأس الطفل بفخر، وامتلأت عيناه فرحًا وقال: «انتظروني، سأصلّي معكم أنا أيضًا.»
صلّينا، ثم جلسنا نستغفر الله قليلًا.
ثم فوجئنا بأن الطبيب لم يأخذ أيّ مال من أحد، وقرّر أن يجعل باقي المعاينات مجّانية، ووهب أجرها لهذا الطفل!
وقفت أمّ الطفل ويداها ترتجفان وقالت: «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟»
واتصلت بزوجها المقيم خارج البلاد، وأخبرته بكل ما حدث.
وبصراحة، كدنا نسمع ضحكته وفرحته، وشعرنا بسعادته.
عندها فقط استطعتُ أن أقول حقًّا:
الأطفال الصالحون هم الرابط الذي يصل بين القلوب.
لستَ مُلزَمًا بإنجاب الأطفال، لكن إن أنجبتَ، فأنت مُلزَم أن تُحسن تربيتهم. ❤️
#عزة_العمروسي
#منقول
image
Send as a message
Share on my page
Share in the group