Translation is not possible.
بسم الله الرحمن الرحيم
الثورة المخترقة
قال بعض المؤرخين الغربيين:
إن الثورة الفرنسية كانت ثورة ماسونية بامتياز.
وصدقوا، فإن شعارات الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر الميلادي الموافق للقرن الثاني عشر الهجري كانت هي هي شعارات الماسونية:
حرية، مساواة، إخاء.
لقد تمكن الماسونيون اليهود بمكرهم من إقناع الجمهور الفرنسي النصراني في معظمه آنذاك بأن الالتزام بالدين وتعاليمه ونظام الحكم الملكي الطبقي المدعوم من الكنيسة هو سبب ما هم فيه من ظلم و فقر واضطهاد، وأن التحرر من سلطان الدين والنظام الملكي المستبد هو المخرج والحل لمشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وتمكنوا أيضا من إقناعهم بأن التمييز بين مكونات الشعب على أساس الدين جريمة تهدد الوطن بالتمزق والاحتراب، وأن المساواة بين أفراد المجتمع في الحقوق والواجبات هي العدالة الاجتماعية التي تؤدي إلى تحقيق المصالح و درء المفاسد وتثبيت الولاء للدولة وتقوية الانتماء للوطن.
ولهذا لما ثار الفرنسيون ضد الظلم والاضطهاد الملكي والتمييز الطبقي رفعوا هذه الشعارات الماسونية، وطالبوا بنظام حكم علماني لاديني يكون فيه الشعب مصدر التشريع بدلا من الكنيسة، ويحل فيه القانون الوضعي محل الشرع الديني، وتتاح فيه حرية التدين ويصير التدين فيه أمرا شخصيا لا علاقة له بنظام الدولة والشئون العامة.
وتحت هذه الشعارات زال الفرق بين اليهودي الذي يكره المسيح عليه السلام ويكفر به، وبين النصراني الذي يعبد المسيح عليه السلام ويؤلهه، وتحولت العداوة بينهما إلى مودة ومساواة وإخاء تحت لواء الوطن، و حلت العقيدة الوطنية محل العقيدة الدينية،
وتحقق بهذا ما خططت له الماسونية الماكرة.
وكذلك حدث في بريطانيا من قبل والولايات المتحدة الأمريكية من بعد، وشيئا فشيئا وعبر بضعة عقود ومن خلال حروب توسعية نابليونية وغير نابليونية، وانقلابات عسكرية، وتحولات فكرية وتعليمية، و وسائل إعلامية، تفشى هذا البلاء في العالم الغربي ثم الشرقي حتى عم أكثر الأرض.
وبعد أن كان اليهود منبوذين مكروهين متهمين بقتل المسيح عليه السلام، تحولوا في نظر العالم الغربي إلى شعب مستضعف مظلوم، وتمكنوا بذلك من التغلغل أكثر فأكثر في المجتمعات وسيطروا على الاقتصاد والإعلام ثم السياسة ونشروا الربا والزنا والبغاء والخمور والفساد في الأرض واستصنعوا لهم أنصارا وأولياء ثم تمكنوا عبر حركتهم الصهيونية من إقامة وطن لهم في فلسطين بدعم من حكومات الغرب التي كسبوا ولاءها من قبل بالمال والنساء والدعم السياسي و الإعلامي وعلى رأس هذه الدول بريطانيا التي أعطتهم وعد بلفور بإقامة دولة قومية لليهود في فلسطين مقابل دعم عائلة روثتشايلد اليهودية الألمانية لبريطانيا بالأموال الطائلة وقت الحرب العالمية الأولى.
وكان من كيدهم و مكرهم أن روجوا لهذه النظرة، أعني النظرة إليهم بأنهم شعب مظلوم مضطهد، مستغلين ما فعله بهم الغربيون من اضطهاد وقتل و حرق وطرد و تشريد في كثير من الدول الغربية الأوروبية عبر قرون ولاسيما ما فعله النازيون بهم إبان الحرب العالمية الثانية بسبب خيانتهم وتآمرهم مع الحلفاء ضد ألمانيا من قبل ومن بعد، بما صار يعرف إلى اليوم باسم "الهولوكوست" وضخموه جدا واستغلوا ذلك في استدرار تعاطف المجتمعات الغربية الساذجة، ومثلوا دور الضحية وهم في الحقيقة الذئاب، فخدعوا أكثر الناس في الغرب، مما هيأ لهم دعما غربيا منقطع النظير، في ظل غياب إعلام حقيقي صادق وغياب وعي تاريخي منصف، وفي ظل بعد عن تعاليم الدين و الكنيسة التي كانت قد فقدت سلطانها على النفوس بسبب ما اعتراها من فساد و انحراف وتحريف، ومن ذلك انحيازها من قبل إلى الملوك المستبدين الظالمين ضد الشعوب، بل و ممارستها بنفسها الظلم والاستبداد والاستئثار بالمال والإقطاع وغير ذلك.
وبهذا فقدت الكنيسة مصداقيتها، وكانت الثورة على الملوك المستبدين والإقطاعيين المستكبرين ثورة أيضا على الكنيسة حتى قال قائلهم: اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس".
ولكن الباطل لا يدوم، والمكر السيء لا يحيق إلا بأهله، واليوم عاد كثير من الناس إلى الدين لكن ليس إلى الدين الكنسي المحرف بل إلى الدين الإسلامي الحق دين الفطرة، وذكر الباحثون أن الإسلام هو أسرع الأديان نماء وانتشارا في العالم، وأنه من المتوقع أن يصير دين الأغلبية الساحقة في العالم خلال بضعة عقود.
ومن جهة أخرى عاد معظم الناس على اختلاف أديانهم وأعراقهم وبلدانهم يكرهون اليهود الصهاينة ويحاربون مشروعهم الاستيطاني البغيض في كل البلاد تقريبا، لاسيما بعدما اكتشفوا حقيقتهم و رأوا جرائمهم ضد الإنسانية ومروقهم من القانون الدولي في غزة وغيرها واعتداءهم على القريب والبعيد، وممارستهم أسوأ صور الفصل العنصري والاضطهاد الديني.
لقد تمكن الماسونيون والصهاينة من خداع كثير من الناس لوقت طويل، لكنهم اليوم - ولله الحمد - لم يعودوا يخدعون إلا أنفسهم، وشيئا فشيئا لن يجدوا لأنفسهم مكانا آمنا في العالم كله بإذن الله، إلا أن يعيشوا أذلة صاغرين وهذا وعد الله كما قال تعالى: { ضُرِبَتۡ عَلَیۡهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَیۡنَ مَا ثُقِفُوۤا۟ إِلَّا بِحَبۡلࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَحَبۡلࣲ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَبَاۤءُو بِغَضَبࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَضُرِبَتۡ عَلَیۡهِمُ ٱلۡمَسۡكَنَةُۚ ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّهُمۡ كَانُوا۟ یَكۡفُرُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَیَقۡتُلُونَ ٱلۡأَنۢبِیَاۤءَ بِغَیۡرِ حَقࣲّۚ ذَ ٰ⁠لِكَ بِمَا عَصَوا۟ وَّكَانُوا۟ یَعۡتَدُونَ }
[سُورَةُ آلِ عِمۡرَانَ: ١١٢]
وبقدر ما نبذل من جهود في الدعوة إلى الإسلام وبيان فضائله ومميزاته وكشف الشبهات عنه من جهة، وفي بيان قبح الصهيونية والماسونية والمبادئ الأرضية والقوانين العلمانية الوضعية والفلسفات المادية من جهة أخرى، بقدر ما نسرع بعون الله و توفيقه من انتصار أمة الإسلام التي هي أمة الإيمان والحق والعدل والسلام الحقيقي لا الزائف، وبقدر ما نعجل بإذن الله من زهوق الباطل و رفع الظلم و تحرير البشرية من ظلمات الكفر والضلال والإجرام.
فابذل جهدك يا عبد الله، ولا تيأس من روح الله، ولا تقنط من رحمته، ولا تستعجل النتائج، وأحسن الظن بالله { ولا يحزنك قولهم، إن العزة لله جميعا هو السميع العليم }.
Send as a message
Share on my page
Share in the group