Translation is not possible.
الحريق
للشيخ ناصر بن حمد الفهد
تربع الشيخ جارح وسوى عمامته والتفت على أحد طلبته الذين تحلقوا حوله وكأن على رؤوسهم الطير قائلاً:
· أين بلغنا في درس الأمس يا بني؟.
· بلغنا قول المؤلف: "والجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك" .
· نعم، نعم، وقلت لكم: إن الحق هو ما عليه جماعتنا المباركة، ومن خالفنا فقد تنكب عن الجماعة، و ابتدع في الدين، وخالف سبيل المؤمنين، و ..
وفجأة. . .
سمعوا طرقاً شديداً على الباب ..
فقطع الشيخ حديثه، والتفت إلى أحد الطلبة الذي هب إلى الباب ففتحه. . .
وإذا برجل أشعث الرأس مسوّد الوجه يصيح:
· يا شيخ .. يا شيخ. . . بيت "عادل" يحترق ..
فما زاد الشيخ على أن التفت - وهو جالس - إلى مصدر الصوت:
· وما شأني؟.
· نريد منك ومن طلابك المساعدة ..
· وهل تريد مني إصلاح ما أفسده "عادل" بسبب إهماله؟.
· يا شيخ. . . البيت مليء بالنساء والذرية! ..
· هو السبب، هذا نتيجة إهماله ..
وأومأ إلى من فتح الباب فأغلقه بوجه الرجل، وعاد إلى المجلس، فأكمل الشيخ درسه وقال:
· واعلموا أيها الأبناء أن من تكلم في جماعتنا المباركة فهو رجل ضال، مبتدع، خبيث.
فسأل أحد الطلبة:
· حتى لو كان من أهل السنة؟.
· كيف هذا؟ أنت لم تفقه إلى هذا الوقت؟ كيف يتكلم أحد على جماعتنا المباركة ويكون من أهل السنة؟ هذا مبتدع، بل أخبث من أهل البدع لأنه يلبس على الناس أكثر. . .
وقطع الحديث طرق على الباب أشد من الأول. . .
فهب أحدهم لفتح الباب، فإذا بذلك الرجل نفسه يصيح:
· يا شيخ. . . الحريق قد وصل إلى بيت "صالح" . . .
· صالح. . . أتعني ذلك المبتدع؟ ..
· يا شيخ. . . هبوا لإنقاذ من في بيته، ثم انصحوه.
فأومأ برأسه وقال:
· هذه عقوبة عاجلة من الله لهذا المبتدع.
وأومأ إلى من فتح الباب فأغلقه.
وأكمل الشيخ قائلاً:
· انظروا إلى العقوبة العاجلة لهذا المبتدع الخبيث، فإنه من المتسترين بمذهب السنة، ولكن الله هتك أستاره لما تكلم بجماعتنا المباركة، ثم زاد عليه العقوبة فاحترق بيته.
فقال أحد الطلبة:
· يا شيخ. . . ولكني أعرف "صالحاً" . . . ولم أر عليه أي بدعة! ..
· هذا لأنك لم تتمكن في علم "الجرح والتعديل" بعد، وهذا ما يجعلني أقول لكم أن المتستر بالسنة أخطر من المبتدع المصرح ببدعته، هذا الرجل رأيته مرارا ً في المسجد لا يلتفت إليّ ولا يسلم عليّ ويعرض عني.
· هل هذه بدعة؟.
· نعم، نعم، لو كان من جماعتنا المباركة لسلم علي!.
وقطع الحديث طرق شديد للمرة الثالثة، فلما فتح الباب، إذا بنفس الرجل يصيح:
· يا شيخ .. الحريق قد وصل إلى المسجد.
فالتفت إليه الشيخ، ثم قال:
· قد ظننت هذا الأمر، لأنه مسجد لا يسلم من صلاة المبتدعة فيه، قد أكثرت علينا أيها الرجل، لا تأت إلينا مرة أخرى.
· يا شيخ. . . المسجد!.
· وإن كان مسجداً. . . السبب الأول هو "عادل" وهو الذي يبوء بالإثم.
وأومأ إلى من فتح الباب فأغلقه.
فأكمل الشيخ:
· انظروا إلى شؤم البدعة ولا حول ولا قوة إلا بالله. . . حتى المسجد لم يسلم.
· يا شيخ. . . ولكن لماذا لا نعينهم في إخماد النار عن المسجد؟.
فتنحنح الشيخ، ثم قال:
· يا بني. . . إن الذين يقومون بإطفاء الحريق أخلاط من الناس، منهم المبتدع، ومنهم الفاسق، وجماعتنا نقية منهم، ولو شاركناهم لأصابنا شيء من شؤمهم.
ثم التفت إلى أحد الطلبة وقال له:
· اقرأ بارك الله فيك.
وقبل أن يقرأ. . . دوى صوت شديد أفزعهم. . .
فهبوا جميعاً يتسابقون - ومعهم شيخهم - إلى الباب. . .
وما إن فتحوه وخرجوا. . .
حتى سقط جدار بيتهم. . .
وقد اندلعت منه ألسنة النيران من كل جهة. . .
#غزة #gazaunderattack #gazagenocide #gaza_under_attack #فلسطين #غزة_تحت_القصف #غزة_الآن
2 views
Send as a message
Share on my page
Share in the group