Translation is not possible.

والشياطين يوالون من يفعل ما يحبّونه من الشرك والفسوق والعصيان، فتارة يخبرونه ببعض الأمور الغائبة؛ ليكاشف بها، وتارة يؤذون من يريد أذاه بقتل وتمريض ونحو ذلك، وتارة يجلبون له من يريد من الإنس، وتارة يسرقون له ما يسرقونه من أموال الناس من نقد وطعام وثياب وغير ذلك، فيعتقد أنه من كرامات الأولياء وإنما يكون مسروقاً، وتارة يحملونه في الهواء فيذهبون به إلى مكان بعيد، فمنهم من يذهبون به إلى مكة عشيّة عرفة ويعودون به فيعتقد هذا كرامة، مع أنّه لم يحجّ حجّ المسلمين، لا أحرم ولا لبّى ولا طاف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ومعلوم أن هذا من أعظم الضلال.

ومنهم من يذهب إلى مكة ليطوف بالبيت من غير عمرة شرعية، فلا يُحرم إذا حاذى الميقات. ومعلوم أنّ من أراد نسكاً بمكة لم يكن له أن يجاوز الميقات إلا محرماً، ولو قصدها لتجارة أو لزيارة قريب له أو طلب علم كان مأموراً أيضاً بالإحرام من الميقات، وهل ذلك واجب أو مستحب؟ فيه قولان مشهوران للعلماء. وهذا باب واسع، ومنه السحر والكهانة، وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع.

وعند المشركين عباد الأوثان ومن ضاهاهم من النصارى ومبتدعة هذه الأمة في ذلك من الحكايات ما يطول وصفه، فإنّه ما من أحد يعتاد دعاء الميت والاستغاثة به نبياً كان أو غير نبي إلا وقد بلغه من ذلك ما كان من أسباب ضلاله، كما أن الذين يدعونهم في مغيبهم ويستغيثون بهم فيرون من يكون في صورتهم أو يظنّون أنه في صورتهم ويقول: أنا فلان، ويكلمهم ويقضي بعض حوائجهم، فإنهم يظنون أن الميت المستغاث به هو الذي كلمهم وقضى مطلوبهم وإنما هو من الجن والشياطين، ومنهم من يقول: هو ملك من الملائكة، والملائكة لا تعين المشركين وإنما هم شياطين أضلوهم عن سبيل الله.

[قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص٥٧]

Send as a message
Share on my page
Share in the group