اصبر نفسك فإن الأمر نحسب أنه أعظم أجراً.
قال الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه: "أنا أبو سعيد الحسن بن محمد بن عبد الله بن حسنويه الكاتب بأصبهان، نا أبو جعفر أحمد بن جعفر بن أحمد بن معبد السمسار، نا أبو بكر بن النعمان، نا ابن الأصبهاني، نا عفيف بن سالم، وأنا أبو الحسن علي بن يحيى بن جعفر بن عبدكويه، إمام المسجد الجامع بأصبهان أيضا، أنا أبو محمد عبد الله بن الحسن بن بندار المديني، نا أحمد بن مهدي، نا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، أنا عفيف بن سالم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير في قوله تعالى: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} [الكهف: ٢٨] قال: «مجالس الفقه» وفي حديث أحمد بن مهدي قال: «هي مجالس الفقه»".
أقول: يحيى بن أبي كثير تابعي من صغار التابعين، والخطيب روى الخبر عنه بإسنادين إلى عفيف بن سالم.
فسَّر جماعة من السلف الآية بالصلوات الخمس أو صلاة الفجر والعصر، ولا تعارُض بين هذا التفسير والتفسير عن يحيى بن أبي كثير، إذ أن إقامة الصلاة إنما تتحقَّق بطلب العلم الشرعي، وتصحيحها يتم بالتفقه، والصبر عليها يكون بمعرفة فضائلها، وكذا سائر الأعمال الصالحة.
أمرُ الصبر على مجالس العلم اليوم صار أشد مع كثرة الفتن، وهذا مظنة مضاعفة أجر كما ورد في الحديث: «أجرك على قدر نصبك».
اصبر نفسك على مجالس العلم ولو قيل لك: الناس وصلوا إلى القمر وأنتم لا زلتم في هذه الأمور. فقل: الوصول إلى الجنة أعلى من الوصول إلى القمر إن وصلتموه.
اصبر نفسك على مجالس العلم ولو قيل لك: لو أمَّنت نفسك مادياً. فقل: طلبُ الرزق حسن ولا يعارِض طلب العلم، فلكلٍّ وقته، وغنيمة (قوموا مغفورٌ لكم) أعظم من كل ربحٍ مالي.
اصبر نفسك على مجالس العلم وإن قيل لك: الناس يفرحون ويلهون وأنتم في هذا. فقل: إنما نريد راحة نفوسنا، والراحة لا تُنال بالراحة، ومَن رزَقه تلذُّذاً بالعلم والطاعة اكتملت غنيمته.
اصبر نفسك على مجالس العلم وإن قيل لك: أين أنت من المناظرات ومن الكتب الفكرية. فقل: لكلٍّ وقته، ومغبون من شُغِل بغيره عن نفسه، وبالوسائل عن المقاصد، ومَن طلب المفاخرة بما ثوابه في الآخرة فاستعجل الأمر قبل أوانه هذا إن كان فيما يصنع ثواب.
اصبر نفسك على مجالس العلم وإن قال لك قائل: ما ينفعك أن تسمع الدروس على الهاتف أو المسجل لا بد أن تحضر (ولا تتمكن من الحضور). فقل: لا أحقر من المعروف شيئاً، وقد أؤجر على نيتي، وما لا يُدرك كله لا يُترك جله، والفائدة متحققة ومن ليس عنده ماء يتيمم.
اصبر نفسك على مجالس العلم وإن قيل لك: الأمة تُذبح وأنت تطلب العلم. فقل: إنما نطلب العلم لما بعد الموت على أي حال، وما حارب أعداء الدين فينا إلا إرث العلم فما أسعدهم إن هجرناه، ولا تعارُض ولا تزاحُم بل ذلك إن حقَّقت من مقاومتهم العميقة.
عامة هذه الأطروحات التنفيرية من العلم لم تكن حاضرة في زمن السلف بل كان العلم الشرعي معظماً غاية، ومع ذلك حمل من حمل الآية على مجالس الفقه، فما بالك بالأمر الآن وقد زاد الصبر فيزيد بإذن الله الأجر.
الشيخ أبو جعفر الخليفي
Comment has been successfully reported
The post has been successfully added to your timeline!
You have reached your limit of 100000 friends!
File size error: The file exceeds the allowed limit (9 GB) and can not be uploaded.
Your video is being processed,
We’ll let you know when it's ready to view.
It's impossible to upload the file: This file type is not supported.
We have detected adult content on the uploaded image,
therefore we have declined the uploading process.
To get a verification (tick) on the Islamic social network Umma Life, you must meet at least one of the following criteria: 1. Social network activity: Participants seeking verification must be active users of the social network. At least one useful message must be posted per day, and the message topics can be non-religious. 2. A well-known Islamic blogger or Muslim: If you are a well-known Islamic blogger or Muslim, even if your activities are not related to religious topics on the Internet, you can also apply for verification. 3. A large number of subscribers or active religious pages: If you have a lot of subscribers on social networks or you actively manage useful religious pages, this can also be a basis for getting verified. If you meet at least one of these criteria, submit an application for verification on the Islamic social network Umma Life via private message https://ummalife.com/ummalife and your account will be reviewed by the social network administration.