قال رسول الله ﷺ "استَحيوا منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ ، قُلنا : يا رسولَ اللَّهِ إنَّا لنَستحيي والحمد لله ، قالَ : ليسَ ذاكَ ، ولَكِنَّ الاستحياءَ منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ أن تحفَظ الرَّأسَ ، وما وَعى ، وتحفَظَ البَطنَ ، وما حوَى ، ولتَذكرِ الموتَ والبِلى ، ومَن أرادَ الآخرةَ ترَكَ زينةَ الدُّنيا ، فمَن فَعلَ ذلِكَ فقدَ استحيا يعني : منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ"
شرح الحديث :
"حقَّ الحياءِ" أي: حياءً صادقًا وثابتًا ولازمًا؛ وذلك بِتَركِ الشَّهواتِ وتَحمُّلِ الْمَكارِهِ في الطَّاعاتِ، والقيامِ بالفرائضِ، وتركِ المحرَّماتِ
"ليس ذاك" ، أي: ليس هذا الَّذي تَفعَلونه هو حقُّ الحياءِ،
"ولكنَّ الاستحياءَ مِن اللهِ حقَّ الحياءِ" هو "أن تَحفَظَ الرَّأسَ" بألَّا تَستَعمِلَه في غيرِ طاعةِ اللهِ، فلا تَسجُدَ ولا تَخضَعَ إلَّا للهِ، ولا تَرفَعَه تَكبُّرًا على خَلقِ اللهِ، "وما وَعى" مِن الجوارِحِ الظَّاهرةِ والباطنةِ؛ كالعَينَينِ والأُذنَينِ واللِّسانِ، بألَّا تَعصِيَ بهذه الجوارحِ، فتَحْفظَ بَصَرَك عن النَّظَرِ إلى الحرامِ، وتَحْفظَ أُذنَك عن سَماعِ الحرامِ، وتَحفَظَ لِسانَك عن التَّكلُّمِ بالحرامِ،
"وتَحْفَظَ البَطنَ" عن أكلِ الحرامِ، والبطنُ تَشمَلُ كلَّ ما هو باطنٌ ومُستتِرٌ وما يتَّصِلُ بها مِن أعضاءٍ، "وما حَوى"، أي: ما اتَّصَل بالبطنِ مِن الجوارِحِ الظَّاهرةِ والباطنةِ، كالقلبِ واليدَين والرِّجلَين، فيَحفَظُها عن المعاصي، ويفعَلُ بها الطَّاعاتِ،
"ولْتَذكُر"، أي: تتَذكَّرِ "الموتَ"، وأنَّه حقٌّ وأنَّ الدُّنيا ستَفْنى، "و" تَذكُرِ "البِلَى" بعدَ الموتِ بأن تصيرَ عِظامًا باليةً رَميمةً مُتفتِّتةً.
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "ومَن أراد الآخِرةَ"، أي: الفوزَ بالجنَّةِ ونَعيمِها؛ لأنَّ الدَّارَ الآخِرةَ دارُ البقاءِ والخلودِ، "ترَك زِينةَ الدُّنيا"، أي: أعرَض عن بَهجتِها وشَهواتِها؛ لأنَّ طلَبَ الدُّنيا والآخِرَةِ لا يَجتَمِعان،
"فمَن فعَل ذلك"، أي: جميعَ ما ذُكِر مِن حِفظِ الرَّأسِ والبطنِ والجوارحِ المتَّصِلةِ بهِما، وتذَكُّرِ الآخرةِ وتَرْكِ زينةِ الدُّنيا وشَهواتِها، "فقد استَحْيا"، أي: اكتسَبَ صِفةَ الحياءِ "مِن اللهِ حقَّ الحياءِ"، وكان مُراقِبًا للهِ تعالى ظاهِرًا وباطِنًا، فلا يَعْصيه جلَّ في عُلاه؛ لأنَّه يَعلَمُ أنَّه مُطَّلِعٌ عليه.
(الدُّرر السّنيّة)
قال رسول الله ﷺ "استَحيوا منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ ، قُلنا : يا رسولَ اللَّهِ إنَّا لنَستحيي والحمد لله ، قالَ : ليسَ ذاكَ ، ولَكِنَّ الاستحياءَ منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ أن تحفَظ الرَّأسَ ، وما وَعى ، وتحفَظَ البَطنَ ، وما حوَى ، ولتَذكرِ الموتَ والبِلى ، ومَن أرادَ الآخرةَ ترَكَ زينةَ الدُّنيا ، فمَن فَعلَ ذلِكَ فقدَ استحيا يعني : منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ"
شرح الحديث :
"حقَّ الحياءِ" أي: حياءً صادقًا وثابتًا ولازمًا؛ وذلك بِتَركِ الشَّهواتِ وتَحمُّلِ الْمَكارِهِ في الطَّاعاتِ، والقيامِ بالفرائضِ، وتركِ المحرَّماتِ
"ليس ذاك" ، أي: ليس هذا الَّذي تَفعَلونه هو حقُّ الحياءِ،
"ولكنَّ الاستحياءَ مِن اللهِ حقَّ الحياءِ" هو "أن تَحفَظَ الرَّأسَ" بألَّا تَستَعمِلَه في غيرِ طاعةِ اللهِ، فلا تَسجُدَ ولا تَخضَعَ إلَّا للهِ، ولا تَرفَعَه تَكبُّرًا على خَلقِ اللهِ، "وما وَعى" مِن الجوارِحِ الظَّاهرةِ والباطنةِ؛ كالعَينَينِ والأُذنَينِ واللِّسانِ، بألَّا تَعصِيَ بهذه الجوارحِ، فتَحْفظَ بَصَرَك عن النَّظَرِ إلى الحرامِ، وتَحْفظَ أُذنَك عن سَماعِ الحرامِ، وتَحفَظَ لِسانَك عن التَّكلُّمِ بالحرامِ،
"وتَحْفَظَ البَطنَ" عن أكلِ الحرامِ، والبطنُ تَشمَلُ كلَّ ما هو باطنٌ ومُستتِرٌ وما يتَّصِلُ بها مِن أعضاءٍ، "وما حَوى"، أي: ما اتَّصَل بالبطنِ مِن الجوارِحِ الظَّاهرةِ والباطنةِ، كالقلبِ واليدَين والرِّجلَين، فيَحفَظُها عن المعاصي، ويفعَلُ بها الطَّاعاتِ،
"ولْتَذكُر"، أي: تتَذكَّرِ "الموتَ"، وأنَّه حقٌّ وأنَّ الدُّنيا ستَفْنى، "و" تَذكُرِ "البِلَى" بعدَ الموتِ بأن تصيرَ عِظامًا باليةً رَميمةً مُتفتِّتةً.
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "ومَن أراد الآخِرةَ"، أي: الفوزَ بالجنَّةِ ونَعيمِها؛ لأنَّ الدَّارَ الآخِرةَ دارُ البقاءِ والخلودِ، "ترَك زِينةَ الدُّنيا"، أي: أعرَض عن بَهجتِها وشَهواتِها؛ لأنَّ طلَبَ الدُّنيا والآخِرَةِ لا يَجتَمِعان،
"فمَن فعَل ذلك"، أي: جميعَ ما ذُكِر مِن حِفظِ الرَّأسِ والبطنِ والجوارحِ المتَّصِلةِ بهِما، وتذَكُّرِ الآخرةِ وتَرْكِ زينةِ الدُّنيا وشَهواتِها، "فقد استَحْيا"، أي: اكتسَبَ صِفةَ الحياءِ "مِن اللهِ حقَّ الحياءِ"، وكان مُراقِبًا للهِ تعالى ظاهِرًا وباطِنًا، فلا يَعْصيه جلَّ في عُلاه؛ لأنَّه يَعلَمُ أنَّه مُطَّلِعٌ عليه.
(الدُّرر السّنيّة)