بسم الله والحمد لله؛
من النَّادِر أن أكتُب كلِمات موجهة للرجال، خاصةً الشباب المُقبل على الزواج، ولكن الله المُستعان، أقولها خالصةً لله
سأبدأ حديثي بموقف حدث معي، وغيره من مواقف كثيرة جدًا
صديق لزوجي أراد البحث عن عروس فرشّحتُ له فتاة أعرفها وزكيتها له، فسأل عنها وعلم أن في عائلتهم الكبيرة رجل يعمل حلاق، فرفضها!
موقف آخر، شاب فسخ خطبته مع فتاة لأن والدها سبّ الدين في موقف ما وهو غاضب، ثم تاب وتراجع عن فعلته وقال أنه لم يقصد!
غيره: شاب إذا أقبل على خطبة فتاة رفضها لأجل أنها ليست من عائلة محافظة وأسرتها غير ملتزمة!
اسمع يا أخي، محدش بيختار أهله، وكان وارد جدًا إنك تنشأ في أسرة غير ملتزمة بالمرة، فأمك تكون مش ملتزمة وأختك بتخرج متبرجة بشعرها و و و
ولكنك في سن الرشد سلكت طريق الرشاد والحق واستقمت كما أُمِرت
هل نأخذك بذنب أهلك؟ أما كان آزر أبو نبي الله إبراهيم الخليل كافرًا يعبد الأصنام؟ أما كانت السيدة صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود المُعاديين للنبي صلوات ربي وسلامه عليه؟
لو أنك نشأت في أسرة كافرة، لن أقول أسرة مسلمة غير ملتزمة، بل أقول: كا.فرة هل يُكتب عليك وعلى جبينك: لا تقبل به امرأة ديّنة وملتزمة، لأنه من أصل أسرة كا.فرة؟
ما ذنبها هي إن نشأت في أسرة غير ملتزمة مثل أسرتك؟ أو كان أحد أفراد عائلتها الكبيرة يعمل عمل بالنسبة لك غير مشرف؟
ألا أخبرك شيء؟
من نشأت في بيئة غير ملتزمة ورغم ذلك سلكت طريق الهداية والإلتزام، أفضل من الذي نشأ في أسرة ملتزمة، فخرج هو ملتزم بأوامر دينه لأن هذا هو الذي تربى عليه فطبيعي يعني هنلاقيه ملتزم زي أهله ويظهر عليه سمت ديني
فلا نساوى بمن جاهدت نفسها وأهلها وحاربت حتى ولي أمرها لترتدي النقاب -مثلًا- ونركز كويس مع نقطة جهاد الأهل، يعني الأخت ذاقت مرار الغُربة مرتين، مرة من الناس، ومرة بين أهلها وفي عقر دارها فكانت غريبة بين أهل بيتها!
رغم ذلك ثبتت على الحق وطريقه، وانتظرت رجل صالح ديّن ملتزم، يأتي لخطبتها فيحررها من هذه الغربة وكأنها بزواجها منه عادت للتو إلى وطنها!
فتأتِ أنت الآخر ضدها؟ فتكون غُربة من كل الجهات؟ يعني كُتب عليها بسبب أن أهلها غير ملتزمين، أنها لا تتزوج إلا رجل مثل أهلها؟
على كدا البنت اللي جاهدت نفسها دي وكانت سلوتها في ذلك الزوج الصالح الذي سيأتِ وينتشلها من هذا الظلام ومن مرارة هذه الغربة التي تعيش بها، تفضل يا إما عانس -لأنها مش هتتزوج واحد غير ملتزم طبعا- يا إما تتجوز واحد زي أهلها مش ملتزم ويضيع دينها؟
تفضل تجاهد معاه كام سنة كدا ويا إما تطلق وتهرب بدينها! يا إما تنتكس وهو يسحبها معاه في طريقه، يا إما تصبر وتثبت وقليل من صبرت وثبتت!
يا أخي، دع عنك هذا التفكير، كام أخ وضع ضمن شروطه أنها تكون من أسرة ملتزمة، وفي الآخر اكتشف بعد الزواج إن إلتزامها ظاهري فقط، العبادات اللي بتعملها تحولت لعادة، قطعة قماش حطاها على وشها مش مُدركة معناها وباقي حياتها كذلك، فهل أهلها بقا نفعوك؟ قلت لو مش هينفع إلتزامها هي أشوف إلتزام أمها بقا أو أختها! هو حضرتك هتتزوجها هي ولا أهلها؟
يا أخي المفروض تمد لها يد العون وتتزوجها وتُعينها!
لما أنت تديها ضهرك، البنت دي تتزوج إزاي بزوج ملتزم ديّن؟
أعرف أخوات كثيرات ملتزمات ومنتقبات الواحدة منهن ذاقت العذاب مع أهلها حتى ترتدي النقاب، أو تحفظ القرءان وكانت تُضرب وتُعذب عند رفض أي عريس يتقدملها بسبب أنه مش ملتزم، في النهاية ماذا حدث؟ استسلمت وتنازلت واتخطبت لشخص غير ملتزم، وبسببه انتكست وتبرجت بل تركت صلاتها
تأتيني رسائل من بعض الأخوات الصالحات الديّنات، والله أكاد من الغضب أنفجر وهي تتحدث بحزن بالغ أن فلان رفضها بسبب أن أبوها مُدخن أو مش ملتزم أو أختها بتضع زينة وغير ملتزمة، أو ابن عم خال جد أبوها شغال شغلانة مش أد كدا -مع أن دا شيء لا يعيبه المهم إنه بياكل من الحلال-
أعلم أنه ليس حرام إذا اشترطت ذلك، وأعلم أنه من حقك أن تختار أسرة زوجتك المستقبلية حتى ينشأ أولادك في عائلة ملتزمة كلها، أعلم كل ذلك
وأعلم أن الفتاة بشكل كبير تتأثر بأهلها خاصة أمها، لذلك نقول تتحرى عنها ولا أحد يقبل على الزواج من فتاة بدون أن يسأل عنها جيرانها وأهلها وأصدقائها إن استطاع
ولكننا الأن في زمن الغربة الثانية، زمن شديد الغربة، نجد الفتن حولنا من كل اتجاه، فكن عون لها واحتسب في ذلك الأجر عند الله
الفتاة، ما ذنبها؟ أيختار المرء أباه؟ لعلك أنت أخترت أهلك فأخبرنا بالطريقة إذًا!
- أُمّ تيمِية.
منقول.