غزة وسط لهيب النار من شمالها لجنوبها :
---
في السابع والعشرين من أكتوبر، تمام الساعة السابعة مساءً، حدثت كارثة في غزة. تحولت سماء المدينة المعتمة إلى نهار مرعب بفعل الكتل النارية المشتعلة التي اجتاحتها من شمالها لجنوبها. تبعتها سلسلة من الانفجارات التي لم تسكن للحظة، تجاوزت عددها العشرين خلال أقل من دقيقة.
كانت كل أرجاء غزة تحترق بالنيران، وانقلب الليل إلى نهار في ليلة مروعة كأنك في أي لحظة قد تختفي من عينيك. توشح الهواء برعب كارثي وانفجارات جنونية. انقطعت شبكات الاتصال وانقطعت شحنات الكهرباء، فتضاعفت عتمتها بفعل البارود والدخان الذي غطى سماء المنطقة بغطاءه الكثيف.
كانت الصرخات تملأ الهواء في كل مكان، وكانت المناشدات تطلب المساعدة من الدفاع المدني والفرق الطبية التي لم يكن بإمكانها الوصول إلى المناطق المتضررة بسبب سقوط شبكات الإرسال.
نجلس في منتصف المنازل، جميعنا مترقبين، ننظر من خلال النوافذ إلى وميض النيران في السماء، نسد أذاننا قليلاً لنخفف من حدة صوت الانفجارات المتتالية التي تقترب أكثر وأكثر. نواسي بعضنا بأنها قد ابتعدت وتوقفت، لكنها عادت بشكل أفضع من قبل.
غزة عزلت عن العالم، مجازر جماعية ودمار مروع يملأ كل مكان. لا أحد يعلم عنا شيئاً، ونحن لا نعلم شيئاً عن أحد. هل ستمضي هذه الليلة؟ إن مضت، ستقرأون كلماتي، وإن لم تمضِ، ستبقى عالقة في ملاحظاتي.
إنفصلنا بشكل كامل عن العالم، ليس العالم فقط، بل وحتى داخل حدود هذه المدينة عزلنا، لا يوجد حتى حفنة شبكة اتصال ولا انترنت، تشعر بأنك وحدك الحي في هذه المدينة، لا نعرف الأخبار، لا نعرف ماذا حدث في الخارج، وأين حدث، شلت الحركة تماماً، الصوت غير مسموع، والرؤية مستحيلة، عاجز حتى للأطمئنان على أحد توقفت الحياة، توقف كل شي، ننتظر دورنا.
ليل جحيمي قاسٍ بمعنى الكلمة، وقت ثقيل لم يمضِ ولم ينقضِ. سكون مخيف يقشعر منه البشر. لقد اكتفينا، لم يعد بوسعنا الاحتمال أكثر من ذلك. بلغت قلوبنا الحناجر.
لقد نجونا مرة أخرى،
لسنا بخير
لكن إلى متى؟
غزة وسط لهيب النار من شمالها لجنوبها :
---
في السابع والعشرين من أكتوبر، تمام الساعة السابعة مساءً، حدثت كارثة في غزة. تحولت سماء المدينة المعتمة إلى نهار مرعب بفعل الكتل النارية المشتعلة التي اجتاحتها من شمالها لجنوبها. تبعتها سلسلة من الانفجارات التي لم تسكن للحظة، تجاوزت عددها العشرين خلال أقل من دقيقة.
كانت كل أرجاء غزة تحترق بالنيران، وانقلب الليل إلى نهار في ليلة مروعة كأنك في أي لحظة قد تختفي من عينيك. توشح الهواء برعب كارثي وانفجارات جنونية. انقطعت شبكات الاتصال وانقطعت شحنات الكهرباء، فتضاعفت عتمتها بفعل البارود والدخان الذي غطى سماء المنطقة بغطاءه الكثيف.
كانت الصرخات تملأ الهواء في كل مكان، وكانت المناشدات تطلب المساعدة من الدفاع المدني والفرق الطبية التي لم يكن بإمكانها الوصول إلى المناطق المتضررة بسبب سقوط شبكات الإرسال.
نجلس في منتصف المنازل، جميعنا مترقبين، ننظر من خلال النوافذ إلى وميض النيران في السماء، نسد أذاننا قليلاً لنخفف من حدة صوت الانفجارات المتتالية التي تقترب أكثر وأكثر. نواسي بعضنا بأنها قد ابتعدت وتوقفت، لكنها عادت بشكل أفضع من قبل.
غزة عزلت عن العالم، مجازر جماعية ودمار مروع يملأ كل مكان. لا أحد يعلم عنا شيئاً، ونحن لا نعلم شيئاً عن أحد. هل ستمضي هذه الليلة؟ إن مضت، ستقرأون كلماتي، وإن لم تمضِ، ستبقى عالقة في ملاحظاتي.
إنفصلنا بشكل كامل عن العالم، ليس العالم فقط، بل وحتى داخل حدود هذه المدينة عزلنا، لا يوجد حتى حفنة شبكة اتصال ولا انترنت، تشعر بأنك وحدك الحي في هذه المدينة، لا نعرف الأخبار، لا نعرف ماذا حدث في الخارج، وأين حدث، شلت الحركة تماماً، الصوت غير مسموع، والرؤية مستحيلة، عاجز حتى للأطمئنان على أحد توقفت الحياة، توقف كل شي، ننتظر دورنا.
ليل جحيمي قاسٍ بمعنى الكلمة، وقت ثقيل لم يمضِ ولم ينقضِ. سكون مخيف يقشعر منه البشر. لقد اكتفينا، لم يعد بوسعنا الاحتمال أكثر من ذلك. بلغت قلوبنا الحناجر.
لقد نجونا مرة أخرى،
لسنا بخير
لكن إلى متى؟