Translation is not possible.

هل يعود بيت المقدس للمسلمين؟!

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

هل يعود بيت المقدس للمسلمين؟!

فهذا عنوان رسالة أمل أبعثها إلى كل مسلمٍ غيورٍ على دين الإسلام مِن خلال هذا السؤال الذي يتردد في نفوس الغيورين على الإسلام بصيغٍ متعددة.

والجواب: نعم، سيعود بيت المقدس للمسلمين -بإذن الله-.

نعم، سيعود مِن وجهين شرعيين عقديين عند المسلمين:

أحدهما: سيعود؛ لأننا نؤمن أن الله على كل شيءٍ قدير.

والثاني: سيعود؛ لأننا نؤمن بخبر نبينا الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-.

فأما الوجه الأول: فإن الله قادر على إخراج اليهود مِن بيت المقدس وتطهيره مِن دنسهم، وخراب كفرهم؛ فهذه عقيدتنا أهل الإسلام, ولقد أنزل الله في كتابه آية تحمل قصة تتعلق ببيت المقدس؛ لبيان عظيم قدرته في خلقه, وأنه قادر على إحياء الموات, وإعمار الخراب؛ سواء الديني أو الدنيوي، وفيها أن عبدًا صالحًا قد مرَّ على بيت المقدس بعد أن خربه "بختنصر" بجيوشه الكافرة، وقتل أهل مدينة القدس عن آخرهم، فلما رأى هذا العبد الصالح هذا المشهد المهيب, قال: هل تعود هذه القرية مرة أخرى إلى ما كانت عليه قبْل هذا الخراب؟!

فأجرى الله عليه آية في الخلق تدل على عظيم قدرته: قال -تعالى-: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة:259).

فالله قدير على إعادة بيت المقدس إلى المسلمين بعد ما أصابه مِن خرابٍ واحتلالٍ بدنس اليهود، والله قدير على إعادة بيت المقدس إلى المسلمين كما أعاده قبْل ذلك مراتٍ عديدة.

وأما الوجه الثاني: وهو أنه سيعود؛ لأننا نؤمن ونصدِّق بخبر الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-؛ فلقد أخبرنا -صلى الله عليه وسلم- بأن الخلافة الإسلامية التي على منهاج النبوة ستعود للمسلمين بعد غيابٍ, وأن عودتها ستكون مِن بيت المقدس وأكنافه, وأخبرنا بأنه سيعود بعد ملحمة مع اليهود, وسينطق فيها الحجر والشجر وينادي: يا عبد الله, يا مسلم, تعالَ فإن ورائي يهودي فاقتله!

وهنا ربما يتفرع عن السؤال سؤال آخر، وهو: متى سيكون ذلك؟

والجواب هو: متى عاد المسلمون إلى أسباب عزهم ومجدهم ونصرهم؛ عاد لهم بيت المقدس؛ فلقد ترك المسلمون أسباب عزهم ونصرهم وهو التمسك بالإسلام وتعاليمه، وتعلقوا بأسبابٍ واهية فاسدة، يطلبون بها العز والمجد؛ فضلوا السبيل، وانحرفوا عن طريق العز والتمكين، وصدق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يوم قال: "إنا كنا أذل قوم؛ فأعزنا الله بهذا الدين, فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله!".

إخواني: لقد أخبر الصادق المصدوق بأن دين الله سيعم الأرض أو أكثرها، وليس بيت المقدس فحسب, فقال -صلى الله عليه وسلم-: (لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ, وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ, بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ, عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ, وَذُلًّا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ) (رواه أحمد، وصححه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا) (رواه مسلم).

إذن سيعود بيت المقدس -إن شاء الله- للمسلمين، ولكن عليهم أن يأخذوا بأسباب النصر والعز والمجد، والتي تتلخص في "تمسكهم بالإسلام وعقيدته، وتعاليمه وشريعته، وتاريخه وآدابه"؛ فعند ذلك يعود للمسلمين بيت المقدس، بل والعز والنصر، والمجد، والتمكين.

فاللهم طهِّر الأقصى مِن دنس اليهود، واجمع كلمة المسلمين، ووحِّد صفهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم.

Send as a message
Share on my page
Share in the group