Translation is not possible.

حكم لعن المعين

تعريف اللعن: هو الطردُ والإبعادُ على سبيل السخط

• أولاً: المسلم، سواء كان حياً أو ميتاً، تقياً أو فاسقاً.

فهذا لا يجوز لعنه بعينه مطلقاً. وقد حكى بعض المتأخرين إجماع السلف على عدم جواز لعنه، وهو إجماع غير منضبط، ولكن مذهب جمهور السلف عدم اللعن.

وقد جاء في القرآن والسنة لعن بعض الأنواع لا الأعيان من فُسّاق المسلمين فمثلاً قوله ﷺ ((لعن الله من آوى مُحدثا)) أي مبتدعا، وقوله ((لعن الله السارق))، وقوله ((لعن الله من لعن والديه))، وقوله ((لعن الله من غيّر المنار))، وقوله ((لعن الله الخمر، ولعن شاربها وساقيها…)) إلى آخر الحديث. فهذا لعن مطلق للنوع لا للمعين، ولعن النوع لا يستلزم لعن المعين، بمعنى أن لعن شاربي الخمر لا يستلزم أن كل شخص منهم بعينه ملعون، ولما قال أحد الصحابة ((اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به)) عن رجل كثيرا ما كان يُجلد بسبب شربه للخمر؛ قال لهم رسول الله ﷺ: ((لا تلعنوه، فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله)) فهذا دليل على ذلك، ثم إن الله قد يغفر للمعين المسلم بدون توبة. والأولى الدعاء له بدلاً من لعنه بعينه، فإن في لعنه بعينه إغلاق لرحمة الله عنه، فلا يدعى عليه بالطرد من رحمة الله.

• ثانياً: الكافر الميت.

فهذا يجوز لعنه، قال الله ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كُفَّارٌ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ لَعۡنَةُ ٱللَّهِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ﴾

• ثالثاً: الكافر الحي.

وهذا يلحق في حكمه الفاسق، وهو مما اختُلف فيه، والصحيح عدم جواز لعنه لأن النبي ﷺ لما دعى ((اللهم العن فلانا، وفلانا، وفلانا)) قال الله ﴿لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ أَوۡ يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡ أَوۡ يُعَذِّبَهُمۡ فَإِنَّهُمۡ ظَٰلِمُونَ﴾، فترك النبي ﷺ لعن الأعيان.

فإن قال قائل: إن الله منع نبيه ﷺ من لعن المعين لأن دعوته ﷺ مستجابة، على عكس غيره.

فنقول: هذا التخصيص بأن المنع خاص بالنبي ﷺ يحتاج لدليل، فإن الله لما قال لنبيه ﷺ ﴿لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ﴾ يكون من باب أولى غير النبي ﷺ ليس له من الأمر شيء.

وقول أنه منعه لأن دعوته مستجابة غير صحيح، لأن الله هو من يجيب الدعاء، لا الدعاء وحده يتحقق ويجاب بنفسه، ولما قال الله له ﴿لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ﴾، لو قُدّر استمرار النبي ﷺ بلعنهم لبقي قوله عز وجل ﴿لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ﴾.

والنبي ﷺ لم يقر من لعن شارب الخمر ونهاه عن لعنه، فكيف يكون اللعن من غيره جائزاً. ولو كان منع الله له من اللعن بسبب أن دعاءه ﷺ مستجاب؛ لكان هذا أيضا في حق غيره من الناس، فإنه في الناس من لو أقسم على الله لأبره.

ثم إن قولكم إن منع النبي ﷺ من لعن المعين سببه أن دعوته ﷺ مستجابة؛ يلزم منه عدم جواز لعن المعين، فهو ضدكم. فإنكم بزعمكم أن الله لا يريد ذلك من النبي ﷺ حتى لا يستجيب له؛ منعتم تحقق اللعن وأغلقتم وقوعه، فقولكم يتضمن أن دعاء الله بلعن المعين: من الاعتداء في الدعاء، إذ هو دعاء الله بما لا ينبغي.

Send as a message
Share on my page
Share in the group