يتوهم البعض أن عدد شهدائنا وقتلاهم متقارب وبناء على ذلك يرى أن الحرب بيننا وبينهم سجال، وأنهم أثخنوا فينا كما أثخن فيهم رجال المقاومة، وهو غلط ظاهر من أوجه:
أولا: الاحتلال لا يُعلن عن جميع خسائره، سواء المادية أو البشرية، وهذا دأبهم ودأب الإعلام الغربي بشكل عام في كل حروبهم مع أعدائهم، وهذا جزء من البروبجاندا التي يقومون بها والتي لا يحسنون مثلها، وقد تلحظ هذا في إعلانهم عن الخسائر في حرب روسيا وأوكرانيا، حتى أنك قد تظن أحيانا أن أوكرانيا تبيد الجيش الروسي عن بكرة أبيه! - حسب زعمهم -
ثانيا: قدرة الطرفين على تعويض هذه الخسائر -أتكلم عن الخسائر البشرية لا المادية- فالمجاهد الذي يستشهد تلد الحرائر من نساء غزة وفلسطين بشكل عام غيره وغيره، بل إن الذي يموت لا يموت إلا وقد خلّف من وراءه أخا أو إبنا أو حفيدا قد رباه على عقيدة الجهاد حتى اختلطت بلحمه ودمه، فيكمل المشوار من بعده، فمن تراهم يُقتلون في معركة اليوم، هم أبناء وأحفاد الانتفاضة الأولى والثانية والمعارك التي جاءت من بعدهما، على عكس خسائر الاحتلال، فمعظم من يموت لم يولد في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولا تعني له شيئا، وقد جاء من أقصى الأرض لهثا خلف الجواز الإسرائيلي وما معه من اغراءات مادية وملذات دنيوية، وما صوّر له من اليوتيوبيا التي جاء ليعيش فيها ويبني فيها مستقبله ومستقبل أبناءه، فإذا هلك لم يخلّف من بعده إلا جيلا من الجبناء، يخافون من مواجهة نفس المصير، فلا يعرفون طريقا إلا طريق المطار.
ثالثا: المجاهد الذي يستشهد لم يكلف المقاومة ثمنا باهظا في تجهيزه وتدريبه حتى يصل إلى هذا المستوى، فما يتدرب به هذا المجاهد تكون معدات بسيطة جدا، ولا يخضع لطريقة تدريب الجيوش النظامية والمعسكرات التي يُنفق عليها الطعام والشراب والمسكن والملبس وإلى آخره من تكاليف باهظة على كل رأس في الجيش، على عكس قوات الاحتلال التي ينفق الغرب على كلٍّ منهم الطارف والتليد من مالهم لتجهيزه على أعلى مستوى، وقد يكون جاهزا فعلا بعد هذا الإنفاق، ولكن ما تفعل الجاهزية إذا كانت أفئدتهم هواء!؟
رابعا: المقاومة لا تقتل النساء ولا الأطفال، على عكس ما تراه في شهداء غزة، فهذه الخسائر لا تعد من الخسائر العسكرية التي تؤثر على جاهزية المقاومة في المعارك القادمة، في حين أن معظم من هلك من قتلى الاحتلال أو جُرح بين جندي في الجيش أو على قوة الاحتياط ينتظر الاستدعاء.
خامسا: التأثير النفسي والسياسي لهذه الضحايا على الطرفين:
فإن شهداء غزة كلما سقط منهم واحد ما زاد القوم إلا إيمانا وثباتا ورسوخا وبأسا وتسليما لقضاء الله ورغبة في الثأر، أما من يسقط من طرف العدو فما يزيدهم إلا خبالا وخوفا ورهبة وجُبنا.
فهؤلاء القوم قد خيّل لهم أنهم جاءوا ليسكنوا أرضا بلا شعب يعيش عليها، فظنهم هذا يجعلهم لا يكتثرون للفلسطينيين ولا للقضية ولا للأرض، وإنما يريد القوم أن يعيشوا الحياة بملذاتها ونعيمها دون أي قضية يؤمنوا بها أو تسيل دمائهم من أجلها، فإذا سمعوا أصوات صفارات الإنذار هرعوا إلى المطارات ليعودوا إلى وطنهم الأم، وإذا سقط منهم قتيل فهم بين من يعود لوطنه بلا رجعة، ومن يضغط على الحكومة ويلقي اللوم عليها ويحملهم هذا الفشل، فيشكلون ضغطا على جيشهم وحكومتهم.
سادسا: هذا العدد من القتلى لا يؤثر على الفلسطينيين وهم يتوقعون ذلك دائما ويعرفون أنهم لن ينعموا بعيشٍ قبل زوال هذا الاحتلال، وقد عالجوا هذه الأمور منذ الصغر وتربوا عليها منذ نعومة الأظافر، فلا يهولهم ذلك ولا يغير شيئا في القضية.
أما العدو فهذه الأرقام تهز صورته التي بناها في عقود أمام العالم، والتي صور فيها أنه يمتلك أقوى جيش في المنطقة، مما يدفع هؤلاء المهاجرين إلى الهجرة واستيطان الأراضي الفلسطينية دون خوف من أي تهديد، ولكن مع هذا الكم من القتلى والمصابين، فأي عاقل سيفكر ألف مرة قبل أن يغادر ليسكن هذه الأراضي التي قد يصبح فيها قتيلا في أي يوم، وهو مما يجعل التفوق الديموغرافي للجانب الفلسطيني يزيد يوما بعد يوم، حتى يكون كالطوفان الذي يصطلم الاحتلال يوما ما ويستأصله كما تُستأصل الحشفة!
فبين الفريقين بون شاسع، ومهما زادت خسائرنا ستظل خسائرهم تربو عليها، وما النصر إلا من عند الله، وإنما هو جهاد.. نصر أو استشهاد!
Comment has been successfully reported
The post has been successfully added to your timeline!
You have reached your limit of 100000 friends!
File size error: The file exceeds the allowed limit (9 GB) and can not be uploaded.
Your video is being processed,
We’ll let you know when it's ready to view.
It's impossible to upload the file: This file type is not supported.
We have detected adult content on the uploaded image,
therefore we have declined the uploading process.
To get a verification (tick) on the Islamic social network Umma Life, you must meet at least one of the following criteria: 1. Social network activity: Participants seeking verification must be active users of the social network. At least one useful message must be posted per day, and the message topics can be non-religious. 2. A well-known Islamic blogger or Muslim: If you are a well-known Islamic blogger or Muslim, even if your activities are not related to religious topics on the Internet, you can also apply for verification. 3. A large number of subscribers or active religious pages: If you have a lot of subscribers on social networks or you actively manage useful religious pages, this can also be a basis for getting verified. If you meet at least one of these criteria, submit an application for verification on the Islamic social network Umma Life via private message https://ummalife.com/ummalife and your account will be reviewed by the social network administration.