في عام 387هـ - 997م عزم "الحاجب المنصور" أن يقتحم (شانت ياقب) عاصمة (جيليقية) آخر معقل للنصارى في شمال غرب الأندلس ، وكانت منطقة وعرة وتعد من أخطر المناطق الأندلسية ، لم يصل المسلمين إليها إلا أيام الفتح من عهد "موسى بن نصير" و "طارق بن زياد" ، ثم خرجت من أيدي المسلمين ، فقرر "المنصور" أن يعيدها إلى حكم المسلمين.
إذ أيقن أنه من المحال تحقيق الإستقرار أو ضمان الهدوء في الأندلس مع بقاء (جيليقية) صامدة قوية.
لذلك قرر أن يقتحم هذه المنطقة الصعبة ، فوجود عشرات الأنهر مابين عاصمته (قرطبة) وبين (شنت ياقب) ، تجعل العبور بالغ الصعوبة ، بالإضافة إلى سلاسل الجبال الوعرة.
وكانت هذه المنطقة قاعدة روحية للنصارى في الأندلس أيضاً ، إذ كانت منزلتها عندهم تأتي بعد القدس وروما ، ومكانة كنيستها عندهم كمكانة الكعبة عند المسلمين - وللكعبة المثل الأعلى - .
احتلت الكنيسة في (جيليقية) هذه المكانة لوجود قبر هناك يزعمون أنه قبر "يعقوب الحواري" أحد حواريي "عيسى" عليه السلام ، وأنه قد خرج من القدس يبشر بدين المسيح ويدعو الله حتى وصل إلى هذه البقعة ، ولما مات بعد عودته إلى بلاد الشام حمل أصحابه رفاته ليدفنوه في أقصى المكان الذي بلغه في دعوته ، فدفنوها هنا ولقبت الكنيسة باسمه: (سانت يعقوب) ، ثم بلغتهم (شانت ياقب) ، يحلف النصارى باسمه ويحجون إليه ويعتكفون عنده.
رأى "الحاجب المنصور" أنه لا يمكن أن يصل إلى هذه البقعة إلا بالكتمان ، كتمان إستعداداته وطريق مسيرة ليأخذهم بغتة .. وكيف ذلك؟! ، إذ لا بد أن تصل الأخبار إلى أهل (جيليقية) للأسباب التي ذكرت.
أمر "المنصور" بإعداد جيش البر من مدينة (سالم) ثم ينطلق منها ، وأن يعد الجيش البحري (الأسطول) من مدينة (قصر أبي دانس) وسيحمل الأسطول العدة والطعام ، ومع الأسطول قوات الهندسة.
وقد أخذ الاستعداد لهذه الغزوة وقتاً طويلاً ، لأن الخطة التي رسمها "المنصور" قد نفذت بدرجة مذهلة في إطار حملة برية وبحرية معاً.
أمر "المنصور" أن تبدأ الحملة في الرابع والعشرين من جمادى الآخر عام 387 هـ ، وقاد بنفسه القوات البرية ، حتى وصل إلى نهر (دويرة) وأمر أن تدخل السفن في النهر وجانب المحيط الأطلسي ، وأصطفت السفن سفينة جنب أخرى حتى تشكل جسراً يمكن العبور عليه ، ويتزود الجند مما فيها من الطعام.
أبتكر "الحاجب المنصور" طريقة أهتدى إليها تفكيره ونفذتها قوة عزيمته ، جيش بري يعبر جسوراً تشكلها السفن على عدة أنهر ، فأنظر إلى الإبداع كيف يتفجر عندما الإرادة والعزيمة والطموح.
فتح في طريقه مدينة (بورتو) موضع التقاء القوات البرية والبحرية ، ثم جازها ، وكان سلاح الهندسة يوسع للجند الممرات الضيقة ، ويردمون العوائق البسيطة ، وأتم طريقه يعبر السهول والجبال حتى وصل إلى حصن (شنت ياقب) في الثاني من شهر شعبان أي بعد مسيرة استغرقت أربعين يوماً تقريباً.
لم يكن سكان تلك المدينة يعتقدون أن المسلمين سيصلون إلى مدينتهم ، لكنهم لما رأوا طلائعهم ووصلتهم أنباء تقدمهم أسقط في أيديهم ، ففروا إلى الجبال وأخلوها بسرعة توازي سرعة تحرك الجيش الإسلامي ، دخل المسلمون المدينة وليس فيها من أحد ، بغير قتال يذكر ، فجمعت الغنائم الكثيرة التي تركها أهل المدينة.
فأعطى "الحاجب المنصور" أوامره بتدمير كل مصنع حربي ، وإحراق السفن ، وهد الأماكن الحصينة ، دون أن يمس القبر أو الكنائس ، ثم أمر بالرحيل والعودة ، وقد وصلت أخبار فتوحاته إلى روما والقسطنطينية.
وكان كلما فتح "المنصور" مدينة أخذ جنوده الرآيات فيثبتونها على الأماكن العالية ثم يأخذونها حين يرحلون.
واثناء الرحيل من "شانت ياقب" نسي أحد جنود المسلمين رآية على أعلى التبة بين الحصون والقلاع ، بعدما فر أهلها وهرب جنود النصارى بين الشعاب والجبال.
فرحل المسلمين ونسوا تلك الرآية ، فظل النصارى يرمقون تلك الرآية في رعب شديد وهم يظنون أن المسلمين مازالوا هناك ، وظلوا على ذلك زمن ، حتى علموا برجوع المسلمين منذ وقت طويل.
هكذا كانت العزة .. رآية واحدة منسية أرعبت جنود النصارى وعاشوا من أجلها في ذعر ورعب وهلع.
في عام 387هـ - 997م عزم "الحاجب المنصور" أن يقتحم (شانت ياقب) عاصمة (جيليقية) آخر معقل للنصارى في شمال غرب الأندلس ، وكانت منطقة وعرة وتعد من أخطر المناطق الأندلسية ، لم يصل المسلمين إليها إلا أيام الفتح من عهد "موسى بن نصير" و "طارق بن زياد" ، ثم خرجت من أيدي المسلمين ، فقرر "المنصور" أن يعيدها إلى حكم المسلمين.
إذ أيقن أنه من المحال تحقيق الإستقرار أو ضمان الهدوء في الأندلس مع بقاء (جيليقية) صامدة قوية.
لذلك قرر أن يقتحم هذه المنطقة الصعبة ، فوجود عشرات الأنهر مابين عاصمته (قرطبة) وبين (شنت ياقب) ، تجعل العبور بالغ الصعوبة ، بالإضافة إلى سلاسل الجبال الوعرة.
وكانت هذه المنطقة قاعدة روحية للنصارى في الأندلس أيضاً ، إذ كانت منزلتها عندهم تأتي بعد القدس وروما ، ومكانة كنيستها عندهم كمكانة الكعبة عند المسلمين - وللكعبة المثل الأعلى - .
احتلت الكنيسة في (جيليقية) هذه المكانة لوجود قبر هناك يزعمون أنه قبر "يعقوب الحواري" أحد حواريي "عيسى" عليه السلام ، وأنه قد خرج من القدس يبشر بدين المسيح ويدعو الله حتى وصل إلى هذه البقعة ، ولما مات بعد عودته إلى بلاد الشام حمل أصحابه رفاته ليدفنوه في أقصى المكان الذي بلغه في دعوته ، فدفنوها هنا ولقبت الكنيسة باسمه: (سانت يعقوب) ، ثم بلغتهم (شانت ياقب) ، يحلف النصارى باسمه ويحجون إليه ويعتكفون عنده.
رأى "الحاجب المنصور" أنه لا يمكن أن يصل إلى هذه البقعة إلا بالكتمان ، كتمان إستعداداته وطريق مسيرة ليأخذهم بغتة .. وكيف ذلك؟! ، إذ لا بد أن تصل الأخبار إلى أهل (جيليقية) للأسباب التي ذكرت.
أمر "المنصور" بإعداد جيش البر من مدينة (سالم) ثم ينطلق منها ، وأن يعد الجيش البحري (الأسطول) من مدينة (قصر أبي دانس) وسيحمل الأسطول العدة والطعام ، ومع الأسطول قوات الهندسة.
وقد أخذ الاستعداد لهذه الغزوة وقتاً طويلاً ، لأن الخطة التي رسمها "المنصور" قد نفذت بدرجة مذهلة في إطار حملة برية وبحرية معاً.
أمر "المنصور" أن تبدأ الحملة في الرابع والعشرين من جمادى الآخر عام 387 هـ ، وقاد بنفسه القوات البرية ، حتى وصل إلى نهر (دويرة) وأمر أن تدخل السفن في النهر وجانب المحيط الأطلسي ، وأصطفت السفن سفينة جنب أخرى حتى تشكل جسراً يمكن العبور عليه ، ويتزود الجند مما فيها من الطعام.
أبتكر "الحاجب المنصور" طريقة أهتدى إليها تفكيره ونفذتها قوة عزيمته ، جيش بري يعبر جسوراً تشكلها السفن على عدة أنهر ، فأنظر إلى الإبداع كيف يتفجر عندما الإرادة والعزيمة والطموح.
فتح في طريقه مدينة (بورتو) موضع التقاء القوات البرية والبحرية ، ثم جازها ، وكان سلاح الهندسة يوسع للجند الممرات الضيقة ، ويردمون العوائق البسيطة ، وأتم طريقه يعبر السهول والجبال حتى وصل إلى حصن (شنت ياقب) في الثاني من شهر شعبان أي بعد مسيرة استغرقت أربعين يوماً تقريباً.
لم يكن سكان تلك المدينة يعتقدون أن المسلمين سيصلون إلى مدينتهم ، لكنهم لما رأوا طلائعهم ووصلتهم أنباء تقدمهم أسقط في أيديهم ، ففروا إلى الجبال وأخلوها بسرعة توازي سرعة تحرك الجيش الإسلامي ، دخل المسلمون المدينة وليس فيها من أحد ، بغير قتال يذكر ، فجمعت الغنائم الكثيرة التي تركها أهل المدينة.
فأعطى "الحاجب المنصور" أوامره بتدمير كل مصنع حربي ، وإحراق السفن ، وهد الأماكن الحصينة ، دون أن يمس القبر أو الكنائس ، ثم أمر بالرحيل والعودة ، وقد وصلت أخبار فتوحاته إلى روما والقسطنطينية.
وكان كلما فتح "المنصور" مدينة أخذ جنوده الرآيات فيثبتونها على الأماكن العالية ثم يأخذونها حين يرحلون.
واثناء الرحيل من "شانت ياقب" نسي أحد جنود المسلمين رآية على أعلى التبة بين الحصون والقلاع ، بعدما فر أهلها وهرب جنود النصارى بين الشعاب والجبال.
فرحل المسلمين ونسوا تلك الرآية ، فظل النصارى يرمقون تلك الرآية في رعب شديد وهم يظنون أن المسلمين مازالوا هناك ، وظلوا على ذلك زمن ، حتى علموا برجوع المسلمين منذ وقت طويل.
هكذا كانت العزة .. رآية واحدة منسية أرعبت جنود النصارى وعاشوا من أجلها في ذعر ورعب وهلع.
Comment
Share
Send as a message
Share on my page
Share in the group